‘‘الربيع‘‘ ينعش سوق الخضراوات الورقية
مع بدء فصل الربيع، ينتعش سوق الخضراوات الورقية والأعشاب الخضراء التي تعد مصدر رزق للعديد من العائلات والأسر التي تقتات على بيع هذه الأعشاب، معتبرة الربيع فصل خير ورزق.
تنتظر العديد من الأسر فصل الربيع بفارغ الصبر، باعتباره فرصة لهم للبحث عن مصدر دخل جديد من خلال بيع الأعشاب التي تنمو في هذا الفصل ويقبل الناس على تناولها.
الخمسيني أبو أحمد، يجمع ما تيسر له من الأعشاب فجر كل يوم، منطلقا من الأغوار الوسطى حيث يسكن وعائلته التي تتكون من ثمانية أفراد طالبا الرزق في أرض الله الواسعة.
يقول ‘عند تمام الساعة السابعة أفرش بسطتي’؛ حيث يعرض البصل الأخضر والفجل والزعتر الأخضر، فضلا عن الجرجير والحويرنة والخبيزة وكل ما تجود به الأرض الأردنية.
لا يفكر أبو أحمد كثيرا قبل أن ينهض باكرا متجها لقطعة الأرض الصغيرة التي لا تتجاوز الـ250 مترا ليجمع رزقه، سائلا الله أن يتمكن من بيع كل ما بجعبته لتأمين لقمة عيشه ومصروف يومه ويوم أولاده.
وفي الوقت الذي يمضي فيه الأطفال وقتهم على مقاعد الدراسة، تبيع نجلاء ابنة الثمانية أعوام ضمم الجرجير والنعناع الأخضر على بوابة إحدى الكازيات، لمساعدة والدتها لإنهاء بسطتها بسرعة والعودة إلى بيتها في عين الباشا قبل أن ‘تعتم الدنيا’.
لا يمكن لأي شخص يدخل الكازية إلا أن يشتري من نجلاء التي تلونت عيناها بخضرة ضمم الجرجير التي بيديها، فحلاوة لسانها ودعواتها تجذب من حولها للشراء، متنقلة بخفة حركتها بين نوافذ السيارات والابتسامة ترتسم تقاسيم وجهها كلما باعت ضمة جديدة.
في حين تفترش أم عامر وجاراتها بسطات الخضراوات والأعشاب الخاصة بهن على رصيف مجمع باصات صويلح منذ ساعات الصباح الأولى، يعرضن ما جمعن من الأراضي المجاورة لمنازلهن في دير علا.
تروي أم عامر قصة مشوارها الصباحي الذي يبدأ بعد تجهيز أبنائها للدوام المدرسي؛ حيث تحمل كرتونة الأعشاب وكرتونة الخضار، مستعينة بإحدى السيارت المتوجهة إلى صويلح، تبدأ بتعبئة ما لديها في أكياس صغيرة تعرضها للمارة.
تقول ‘معظم زبائني من النساء العاملات، فذروة البيع تكون مع ترويحة الموظفين’، فإلى جانب ما تجمعه كل صباح تلبي طلبيات العديد من السيدات اللواتي يطلبن نوعا بعينه من الأعشاب مثل الحميضة، الكبس والفرفحينة.
وتتابع أم عامر ‘كثير من نساء عمان وصويلح يطلبن اللوف والبابونج البلدي وإكليل الجبل كأصناف علاجية، خصوصا اللوف في فصل الربيع لقدرته على رفع جهاز المناعة كما هو متعارف عليه بين الناس’.
لم تكتفِ أم عامر بطرق بيع الأعشاب التقليدية؛ إذ تحرص على مواكبة المواسم فتبيع الفول الأخضر والبامية البلدية والفلفل بأنواعه المختلفة بأكياس صغيرة، فضلا عن أعشاب حواجة المنسف وباذنجان المقدوس.
تقول ‘أجهز باذنجان وكوسا محفورة جاهزة للطبخ للسيدات الموظفات وعليها إقبال كبير’، وهي حريصة في كل مرة على التميز لاستقطاب أكبر عدد من الزبائن في ظل وجود العديد ممن يبيعون الأعشاب في فصل الربيع.
وفي الجهة المقابلة لأم عامر صحون من الفواكه الموسمية المشكلة، يغلفها الأربعيني علي كل صباح يعرضها في مجمع الباصات في منطقة صويلح.
‘حلي تمك بدينار، غذي ابنك بدينار’.. عبارات يرددها علي على المارة لتشجيعهم على شراء الفواكه لأبنائهم وعائلاتهم بسعر بيسط.
ويقول علي، في حديثه لـ’الغد’: ‘أسكن في صافوط ولدي خمسة أبناء ولا أملك عملا ثابتا ولا أستطيع أن أقف مكتوف اليدين والأسعار تزداد غلاء’، متابعا أن أسعار الفاكهة المرتفعة جدا تحرم العديد من العائلات من شرائها وإطعام أبنائها، وهو ما دفعني للتفكير في هذه البسطة.
في حين تجد الستينية سارة متروك، أن فصل الربيع خير وبركة من أوله حتى نهايته، فما إن يبدأ الفصل حتى تعود الحياة لتجارتها الصغيرة وتعوض ضيق الحال والالتزامات المادية التي انكسرت عليها طوال موسم الشتاء من محروقات وكهرباء وغاز ومتطلبات أبنائها.
وتبدأ سارة فصل الربيع، ببيع الجرجير والخبيزة والبصل الأخضر واللفت والشمندر، فضلا عن تجوالها في الأراضي الغورية وجمعها أوراق اللسينة ورجل الحمامة واللوف وبيعها للمتنزهين وسكان المدن.
وفي منتصف الربيع، تبدأ بقطف اللوز الأخضر والفراولة وبيعهما في علب بلاستيكية، كما تجمع الحميضة والشليوة والحويرنة التي تعد من الأعشاب التي عليها إقبال كبير من الناس.
وفي موسم العكوب، تبدأ رحلة سارة في البحث عن العكوب وقطفه وتنظيفه وتوزينه في بكس من الفلين وتبيعه وتعتبره من أفضل المواسم لأن العكوب موجود في ربيع الأردن بكثرة وعليه طلب كبير، إلا أنه يحتاج إلى وقت وجهد لتنظيفه، وهو ما يجعل ثمنه غاليا بعض الشيء.