شارك نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي في العاصمة البرتغالية، أمس الأول الخميس، في الإجتماع نصف السنوي غير الرسمي للاتحاد الأوروبي، والذي شارك به وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي والمفوض الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيف بوريل والمفوض الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع أوليفر فاريلي. وتناول الاجتماع حوار معمق ركز على القضية الفلسطينية والأوضاع في المنطقة، والعلاقات الثنائية بين المملكة ودول الاتحاد الأوروبي.
وأكد الصفدي خلال الاجتماع استراتيجية علاقة المملكة مع الاتحاد الأوروبي التي تتبدى تعاوناً شاملاً في مختلف المجالات، وثمن الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي للمملكة لمساعدتها في مواجهة التحديات وتبعات الأزمات الإقليمية مثل اللاجئين وغير ذلك. وشدد الصفدي على حرص المملكة تطوير الشراكة الأردنية الأوروبية في المجالات كافة، حيث يعتبر جلالة الملك عبدالله الثاني هذه الشراكة أساسية للمملكة.
وتأتي مشاركة الصفدي في الاجتماع، الذي تعقده رئاسة الاتحاد الأوروبي مرتين سنويا، تلبية لدعوة وزير خارجية البرتغال، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
وأجرى الصفدي على هامش الاجتماع محادثات ثنائية مع نظيره البرتغالي أوغستو سيلفا، ركزت على العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية البرتغالي، شكر الصفدي نظيره البرتغالي على دعوته الكريمة للمشاركة في الاجتماع الوزاري لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والذي تستضيفه البرتغال بصفتها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. كما هنأ الصفدي نظيره على رئاسة البرتغال الموفقة والناجحة للاتحاد الأوروبي في وقت كان شهد العديد من التحديات التي تطلبت عملاً منسقاً وكثيفاً.
وأضاف الصفدي «أشكرك على المحادثات التي أجريناها الصريحة والواضحة والتي أكدت حرص البلدين على تطوير التعاون بيننا في مجالات مختلفة في مواجهة جائحة كورونا وتبعاتها في زيادة التعاون الاقتصادي والاستثماري والسياحي والتعليمي إلى غير ذلك من المجالات».
وأشار الصفدي «كنت قد تشرفت بزيارة البرتغال سابقاً بمعية جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يؤكد على أهمية العلاقة بين بلدينا الصديقين». وزاد أننا نتطلع لعقد الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين في القريب العاجل، مشيراً إلى أن هذه المشاورات «ستضع خريطة طريق واضحة لتطوير التعاون بيننا وضمن أولويات محددة وتبدأ في مواجهة كورونا، وتؤكد وتركز على التعاون في المجال السياحي في الصيف القادم إلى غير ذلك من المجالات».
وأكد الصفدي «علاقاتنا علاقات متميزة وقوية، آفاق تقويتها موجودة والإرادة لتقوية العلاقة بيننا ثنائياً وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي أيضاً إرادة قوية» مضيفاً أننا «نتطلع إلى خطوات عملية باتجاه زيادة التعاون في المجالات المختلفة».
وقال الصفدي إن «لقاءنا أيضاً مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي كان فرصة مهمة للتشاور بيننا كشركاء نؤمن في أهمية تحقيق السلام العادل مصلحة مشتركة وضرورة لنا جميعاً».
وشدد الصفدي على أننا «في الشرق الأوسط وأوروبا إقليم واحد، ما يجري في الشرق الأوسط ينعكس على أوروبا وما يجري في أوروبا ينعكس علينا، وبالتالي تحقيق السلام العادل والشامل هو مصلحة مشتركة وضرورة لأمننا واستقرارنا».
وأكد الصفدي أن «التصعيد الأخير الذي شهدناه أكد مرة أخرى على مركزية القضية الفلسطينية واستحالة تحقيق السلام الشامل والدائم من دون حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران للعام ????، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية».
وأضاف الصفدي أن التصعيد الأخير يؤكد أيضاً «أن أي طرح لإمكانية تجاوز القضية الفلسطينية والوصول إلى السلام هو طرح غير منطقي وغير حقيقي ولا يمكن أن يتحقق».
وزاد الصفدي «اللقاء كان أيضاً فرصة للتشاور مع شركائنا الأوروبيين حول آفاق استعادة مفاوضات جادة وفاعلة لتحقيق السلام العادل والشامل، فرصة حول التعاون في عملية إعادة إعمار غزة، في إيجاد الأفق السياسي الذي تحتاجه المنطقة من أجل التقدم إلى الأمام ومن أجل محاصرة اليأس الذي لن يخدم إلا الأجندات المتطرفة، وإعادة صناعة الأمل الذي هو ضرورة من أجل أن نمضي باتجاه السلام العادل والدائم».
وشدد الصفدي على «أهمية الدور الأوروبي في المنطقة، لأوروبا تاريخياً دور أساسي ورئيسي في جهود تحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا»، مشيراً إلى أننا «نريد لهذا الدور أن يستمر وبالتالي نؤكد على أهمية وجود موقف أوروبي واضح وفاعل في جهود تحقيق السلام». وثمن الصفدي بهذا الصدد موقف البرتغال الواضح في إسناد حل الدولتين المستند إلى القانون الدولي، ودعمها للقانون الدولي كمرجعية لتحقيق السلام، مضيفاً أنه كذلك موقف الاتحاد الأوروبي.
وأكد الصفدي على «ضرورة استمرار هذا الدور وعلى ضمان موقف أوروبي موحد باتجاه متطلبات السلام في الشرق الأوسط». وزاد «نريد أن نرسل رسالة واضحة أنه يجب أن نحمي فرص تحقيق السلام، وحماية فرص تحقيق السلام تتطلب موقفاً واضحاً في رفض الإجراءات الأحادية التي تقوضه والتي تهدد بإعادة التصعيد مرة أخرى مثل الاستيطان اللاشرعي واللاقانوني، والانتهاكات في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف التي ستؤدي إلى إشعال التصعيد مرة أخرى، وترحيل مواطني الشيخ جراح وحي السلوان من بيوتهم وهذا سيشكل جريمة حرب»، مؤكداً أنه «علينا كلنا في المجتمع الدولي مسؤولية منع حدوثها لأنها خرق للقانون الدولي وخرق لقيمنا الإنسانية وأيضاً طريق مؤكد نحو التصعيد».
وقال الصفدي إن النقاش الذي أجراه مع نظرائه الأوروبيين كان واضحاً وصريحاً، مؤكداً على أنه يتطلع لمواصلة العمل مع نظيره البرتغالي ونظرائه الأوروبيين من أجل تحقيق الهدف المشترك في تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء والسلام ومعالجة كل القضايا الإقليمية والتحديات مشتركة.
وفي رد على سؤال، قال الصفدي إن «إدارة الرئيس الأميركي قد أعلنت عن مجموعة من المواقف والقرارات التي تشكل مواقف إيجابية جداً، مثل إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، والتمسك بحل الدولتين، وإعادة الدعم المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية، ولوكالة الأنروا التي يجب أن يستمر المجتمع الدولي في دعمها في ضوء الدور الرئيس التي تقوم به في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين»، مشيداً بهذا الصدد بالدور الذي قامت به الأنروا مؤخراً في غزة خلال التصعيد الأخير.
وزاد الصفدي «الموقف الأميركي واضح بضرورة وقف الاستيطان والإجراءات الأحادية التي تقوض فرص تحقيق السلام الشامل والدائم، والتي يمكن أن تعيد إطلاق شرارة التصعيد الذي رأيناه خلال المرحلة الأخيرة». وأضاف «الموقف الأميركي واضح من ناحية رفض ترحيل المواطنين الفلسطينيين في القدس، ومتمسك بالوضع التاريخي القائم في المقدسات في القدس»، مشيراً إلى أن هذه «مواقف إيجابية نعتقد بضرورة التفاعل معها ايجاباً».
وأكد الصفدي أن «جلالة الملك عبدالله الثاني الوصيّ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس طالما حذر من أن عدم احترام الوضع القانوني والتاريخي القائم هو انتهاك، وحرمة المقدسات هي خط أحمر ولعب بالنار يهدد بتفجر العنف في المنطقة برمتها، باعتبار أن هذه الإنتهاكات تمثل استفزازا لنحو ملياري مسلم وملايين المسيحيين في المنطقة وخارجها ايضاً».
وفيما يتعلق بالموقف الأوروبي من الأوضاع في المنطقة، جدد الصفدي التأكيد على أن «الدور الأوروبي هام وأساسي»، مشيراً إلى أن «المطلوب هو موقف أوروبي موحد، يعكس الموقف الأوروبي التاريخي المتمسك بحل الدولتين والقانون الدولي والمحذر من خطورة الاستيطان اللاشرعي والإجراءات الأحادية التي تهدد بتقويض كل فرص السلام الشامل والعادل».
وأكد الصفدي أنه «يجب أن نتحرك من القول إلى الفعل، وهذا مطلب رئيس لنا يتطلب البدء بتأكيد كل الأطر والمرجعيات التي يتحقق السلام العادل والشامل بموجبها، والتحرك بشكل فاعل لمنع جميع الخطوات الاحادية التي تقوض كل فرص تحقيق السلام، الذي إذا قُتل لن يبقى هناك بديلاً له إلا خيار الدولة الواحدة الذي سيواجه العالم برمته إذا ما حدث ذلك حقيقة التعامل مع نظام آبرثايد أم دولة ديموقراطية».
وأكد الصفدي على ضرورة أن «نعمل معاً باتجاه إيجاد الأفق الحقيقي لتحقيق السلام الدائم والعادل والعودة إلى مفاوضات جادة تأخذنا بهذا الاتجاه».
بدوره شكر وزير خارجية البرتغال الصفدي على المشاركة في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول الوضع في الشرق الأوسط وآفاق عملية السلام.
وأشاد سيلفا بمستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البرتغال والأردن، مشيراً إلى أن البلدين لديهم قواسم مشتركة كثيرة كالانفتاح والوسطية والاعتدال في العلاقات الدولية. وأضاف أن سياسة البلدين الخارجية هي سياسة متوازنة تدعو للاستقرار وللسلام وللأمن الدولي.
وأكد وزير الخارجية البرتغالي أن بلاده تتطلع لعقد مشاورات سياسية مع المملكة خلال النصف الثاني من العام الجاري، لمناقشة سبل تطوير التعاون الاقتصادي والسياحي والتعليمي والثقافي.
إلى ذلك أجرى الصفدي على هامش الاجتماع سلسلة من اللقاءات مع وزراء خارجية ألمانيا وإيطاليا والسويد واليونان وقبرص وإيرلندا ورومانيا والمفوض الأوروبي لسياسة الجوار، ركزت على التطورات الأخيرة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة وسبل وقف التصعيد وتثبيت وقف إطلاق النار وإيجاد أفق سياسي حقيقي لحل الصراع على أساس حل الدولتين، والتطورات الإقليمية فضلاً عن بحث العلاقات الثنائية وسبل تطويرها.