قال مسؤولون سابقون، إن جولة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، تأتي في إطار زيارات ملكية تهدف إلى دعم جهود مستمرة للدفاع عن قضايا محلية، والدور الأردني في حل صراعات المنطقة، وبالأخص القضية الفلسطينية.
مندوب الأردن السابق في الأمم المتحدة، حسن أبو نعمة، قال “منذ تسلّم جلالة الملك سلطاته الدستورية وهو يجوب بلدان العالم ضمن جهد سياسي ودبلوماسي مكثّف ومتواصل للدفاع عن قضايا الوطن، وعن القضية الفلسطينية بالذات، ولحشد الجهود الدولية لحل الصراعات المنتشرة في المنطقة، وفي مقدمتها الصراع العربي الاسرائيلي وفق مقتضيات الشرعية الدولية وعلى أساس مبدأ حل الدولتين الداعي لقيام دولة فلسطينية مستقلة في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأضاف أن “الزيارة الملكية إلى بروكسل تقع ضمن هذه الجهود كون بروكسل هي مقر المؤسسات الأوروبية، وهي بمثابة عاصمة أوروبا السياسية، وهي أيضا مقر حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وبالتالي فمن الطبيعي أن تتكرر زيارته لتلك العاصمة، كما هو الحال بالنسبة لعواصم العالم الرئيسية الأخرى” وذلك وفق ما أوردته المملكة.
وأشار أبو نعمة إلى أن “جهود الملك ستتواصل إلى أن تتحقق العدالة للشعب الفلسطيني ويتحقق الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها، ودور الأردن معروف من كل هذا القضايا، كما هو أساسي لاستقرار المنطقة ماضياً وحاضراً ومستقبلا”.
وفيما يتعلق بنتائج الزيارة الملكية، قال: “من المؤكد أن رسالة الملك تستقبل بالتقدير والاحترام والتفهم الكامل في كل دول العالم، فالملك يمثل صوت الاعتدال والحكمة ورسالته الثابتة هي البحث عن الحلول العادلة والشاملة والسلمية لكل القضايا العالقة، وإن وفق الشرعية والعدالة”.
“دعم دولي شامل”
“لاحظنا في الفترة الأخيرة حجم الدعم الدولي الشامل لجلالة الملك عندما تعرّض استقرار وأمن الأردن لبعض العبث، وتؤكد حجم الاتصالات التي تلقاها الملك من رؤساء دول عربية وعالمية دعمها لجهود الملك ولمواقفه الحكيمة والثابتة بالنسبة لكل القضايا المحلية والعربية والدولية”، بحسب أبو نعمة.
وأضاف: “قياسا على ما حققته الجهود الملكية خلال العقدين الماضيين على الساحة الدولية من إنجازات ونجاحات، فإن نتائج هذه الزيارة الأخيرة بالتأكيد ستحقق ذات القدر من النجاح ودعم التأييد، خاصة وأنها تأتي في ظل توتر متزايد في القدس والضفة الغربية المحتلتين نتيجة انتهاكات إسرائيل المتواصلة لحقوق الشعب الفلسطيني في ظل أسوأ وأطول احتلال بغيض في التاريخ الحديث وفي ظل انتهاكات المتطرفين اليهود لمدينة القدس دون مراعاة للوصاية الهاشمية التاريخية على مقدسات القدس الإسلامية والمسيحية، وبحماية القوات الاسرائيلية لهؤلاء المستوطنين ضد الفلسطينيين العزل”.
عضو مجلس الأعيان، والسفيرة السابقة في كل من مملكة بلجيكيا والاتحاد الأوروبي، علياء بوران، أكدت أن “العلاقة الراسخة والاستراتيجية بين الأردن والاتحاد الأوروبي تجسّد متانة وعمق الشراكة بين الجانب الأردني وجميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي”.
وأضافت أن “الملك يحرص على التواصل والتنسيق والتشاور مع جميع مكونات ومؤسسات الاتحاد الأوروبي ترسيخا لمبدأ الشراكة والحوار الذي يجمع الجانبين، حيث يحتفل الجانبان العام المقبل بمرور عقدين على توقيع اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية”.
“تشرفت بأن خدمت سفيرة لجلالة الملك في بلجيكا والاتحاد الأوروبي، ولمست من خلال عملي وتواصلي مدى الاحترام الذي يوليه جميع المسؤولين الأوروبيين للملك، وتطابق الرؤى السياسية بما يتعلق بالقضية الفلسطينية وعملية السلام وحل الدولتين وأهمية مكافحة التطرف والإرهاب وغيرها من المواضيع المشتركة ذات البعد الثنائي والإقليمي”، بحسب بوران.
وأشارت إلى أن “الاتحاد الأوروبي يعتبر من أكثر الجهات الداعمة اقتصاديا وتنمويا، وبناء على هذه القواعد الراسخة والممتدة تأتي زيارة عمل جلالة الملك لتأكيد على هذه الثوابت”.
“ركيزة أساسية في استقرار المنطقة”
وأوضحت بوران أن “الملك يحرص على الالتقاء مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حيث تناولت هذه اللقاءات سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين في مجالات تنموية والصحية؛ خصوصا جهود مكافحة جائحة فيروس كورونا، إضافة إلى مستجدات إقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتطورات الوضع في القدس المحتلة”.
وبينت أن “الإشادة كانت واضحة وجلية كما عهدناها على مر السنين الماضية بأهمية الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والاتحاد الأوروبي، ووصف الأردن بأنه (ركيزة أساسية في استقرار المنطقة)، هي أيضاً من الأسس الهامة التي ينظر بها الاتحاد الأوروبي للمملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك”.
“يحرص الملك على الالتقاء مع الملك فيليب، ملك مملكة بلجيكا، في كل زيارة عمل يقوم بها، حيث جرى استعراض تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وأهمية التنسيق مع المجتمع الدولي وصولاً إلى تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ومكافحة وباء كورونا وصولا إلى حماية الشعوب وصحتها، علماً بأن جلالة الملك يحرص على زيارة ولقاء المسؤولين الأوروبيين بشكل دوري”، بحسب السفيرة السابقة.
وأضافت “الزيارة أكدت حرص الملك المستمر على اللقاء مع أمين عام منظمة حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، حيث أشاد الملك بالعلاقة المتميزة بين الأردن والحلف، وبالدعم المتواصل في المجلات الأمنية ومكافحة الإرهاب والمجال العسكري”.
وشددت بوران على أن “الأردن بقيادة الملك يعتبر الصديق الذي يتمتع بالمصداقية العالمية والتقدير وكون الأردن يعتبر ركيزة أساسية في الأمن والاستقرار، وللأردن دور محوري ومهم في المنطقة والإقليم والعالم”.
“زيارة بنيت على اتفاقية شراكة استراتيجية”
سفير الأردن الأسبق في بروكسل، أحمد مساعدة السفير السابق، أكد أن “الزيارة دورية سنوية جرت العادة منذ زمن على القيام بها في هذا التوقيت من العام، والقيام بها هذا العام رغم انشغال العالم بتداعيات أزمة كورونا دلالة على جدية وأهمية الحوار بين الأردن والجهات الدولية في بروكسل وقناعة جميع الأطراف بضرورة وجدوى الاستمرار بتبادل المعلومة وتعميق العلاقة”.
وقال: “زيارة الملك الدورية للحلف تبنى على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين وضرورية لتعزيز العلاقة المتميزة مع الأردن سواء على المستوى السياسي، الدبلوماسي أو على الصعيد العملياتي، جرى بها تقدير دور الأردن في عمليات يقوم بها الحلف لضمان الأمن والسلم العالميين في البلقان وأفغانستان وليبيا وكذلك فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب الإقليمي أو الدولي ومعالجة قضايا الحدود ومؤخراً البناء على خبرات الحلف في مجال مواجهة جائحة كورونا”.
وبين مساعدة أن “الاتحاد الاوروبي منخرط بشكل جوهري في عملية السلام في الشرق الأوسط، وفي ضوء توجه الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى التركيز على قضايا أكثر إلحاحا بالنسبة للولايات المتحدة في المرحلة المقبلة وأثر ذلك في انحسار الدور الأميركي في العملية السلمية خاصة في ظل انتهاء الجانب السياسي من مقاربة صفقة القرن التي قدمها الرئيس الأميركي السابق ترامب، فإن الاشتباك الإيجابي مع الجانب الأوروبي يغدو ضرورة ملحة”.
“داعم تاريخي لإحلال السلام”
وأضاف أن “الجانب الأوروبي من الداعمين التاريخيين لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط على أساس حل الدولتين ومن المفترض أن هذه المسألة جرى التطرق إليها وبحثها إضافة إلى بحث ديناميكية التغييرات الإقليمية في المنطقة وانعكاس ذلك على دول الاتحاد الأوروبي بوصفها من دول الجوار القريب”.
“على الصعيد الثنائي، فإن الاتحاد الأوروبي والأردن تربطهما جملة من اتفاقيات الشراكة منها اتفاقية الوضع المتقدم ومن الضروري بمكان بحث هذه الشراكات بشكل دوري على أعلى مستوى لما فيها من فائدة للجانبين، سواء من حيث تبادل المعلومات أو الخبرات أو العمليات أو البرامج أو المساعدات وخاصة في المجالات الاقتصادية ومؤخراً فيما يتعلق بمجابهة وباء كورونا”، بحسب المساعدة.
وتابع أن “بلجيكا في سياق كونها عاصمة الاتحاد الأوروبي وإحدى الدول الأعضاء به والملتزمة بذات سياسات وتوجهات الاتحاد الأوروبي، تأتي زيارة الملك للملك فيليب خاصة في ظل العلاقة الوثيقة التي تربط الدولتين وقيادتهما”.
وأكد المساعدة على أن “الأردن وبلجيكا تربطهما علاقات تعاون واحترام ويلتقيان في الرؤى بخصوص العملية السلمية في الشرق الأوسط وسبل تعزيز الأمن والسلم العالميين وبلجيكا تقدر دائما الدور الأردني وموقفه بهذا الخصوص”.