أصبحت سيناريوهات واحتمالات عودة كابوس حظر التجول من جديد كابوساً يؤرق الأردنيين، فلا الحالة النفسية التي تضررت كثيراً من جراء الإغلاق السابق تسمح، ولا حتى الحالة المعيشية وجيوب الأردنيين التي صابها ما يكفي من إرهاق من جراء التبعات الاقتصادية لفيروس كورونا وحظره تسمح أيضاً.
فبعد ظهور حالات محلية جديدة بالإصابة بفيروس كورونا في الرمثا والمفرق وإربد، والشوبك في جنوب الأردن اليوم، وذلك لأول مرة منذ بدء تفشي الوباء في المملكة في آذار/مارس الماضي، وبعد خروج تصريحات رسمية خلت من ذلك الحس الذي كان التفاؤل يلفه خلال الفترات الماضية والذي تحول إلى حس شبيه بالتخوف الذي كان واضحاً في التصريحات الرسمية في بداية أزمة فيروس كورونا، كان من الطبيعي أن يعود تخوف الأردنيين من جديد بأن يعود كابوس حظر التجول مرة أخرى.
وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال أمجد العضايلة خرج اليوم بتصريح استبعد فيه أن تكون هناك عودة لحظر شامل من جديد حيث قال إن الحالة الوبائية الحالية تحت السيطرة ولا داع لفرض حظر جزئي أو شامل، لكنه في الوقت ذاته كرر التصريح الرسمي الذي خرج منذ يومين وذكر أنه في حال تم تسجيل 10 حالات يومياً لمدة أسبوع سوف يكون هناك تعديل فيما يخص الحظر الجزئي.
العضايلة أيضاً أعلن اليوم أنه ستكون هناك عودة لتطبيق أمر الدفاع رقم 11 منذ يوم السبت المقبل والذي يُلزِم أصحاب المنشآت والأفراد بأقصى درجات الحيطة والحذر، ويفرض عقوبات على كلّ منشأة لا يلتزم العاملون فيها، أو مرتادوها بارتداء الكمّامات أو التي تهمل أساليب الوقاية باتّباع ممارسات من شأنها تعريض صحّة المواطنين وسلامتهم للخطر.
كما أعلنت الحكومة أنها تبحث إمكانية إغلاق بعض القطاعات وزيادة ساعات حظر التجول بعد ارتفاع عدد الإصابات بكورونا محلياً.
وخلال اليومين الماضيين، تم تسريب كتب لم يتم إثبات صحتها تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن الطلب من قطاعات معينة مثل المخابز ومحلات الصرافة تراخيص التجول خلال الفترة المقبلة، كما تم نشر إشاعات تتحدث عن سيناريوهات طبيعة عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة في الأول من الشهر المقبل وأن هناك احتمالية بعودة التعليم عن بعد، أو التعليم المقسم بين الفعلي في المدارس وبين عن بعد في البيوت.
كل ذلك أحدث حالة من الإرباك لدى الأردنيين، والتخوف من العودة إلى المربع الأول لأزمة فيروس كورونا، التي لم تحمد عقباها بعد حظر التجول على كافة الأصعدة الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية وحتى النفسية، ظروف يشعر الأردنيون أنهم غير قادرين على تحمل عبئها من جديد.
اللافت فيما يحدث من حالة مربكة يعيشها أردنيون خلال الثلاثة أيام الماضية، عودة تصدر أخبار تطور فيروس كورونا في الأردن على أهم الأخبار التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن غابت عن عين الاهتمام لأكثر من شهرين تقريباً، تحديداً بعد أن اطمأنت قلوب الأردنيين على أن كورونا أصبح شيء بعيد عنهم، خصوصاً بعد وصولنا إلى المرحلة ما قبل الخضراء بقليل في تصنيف درجة انتشار الفيروس في الأردن، وبعد الروح الباعثة للتفاؤل التي كانت تبدو واضحة في تصريحات المسؤولين، الأمر الذي جعل أخبار كورونا ليست من ضمن اهتمامات الرأي العام كونه بات “بعيداً”.
بيد أن البعيد عاد ليصبح قريباً، ليس فيما يتعلق بالأرقام ولا انتشار الفيروس انتشاراً ملموساً بالأردن، بل فيما يتعلق بعودة تدفق التصريحات الرسمية وتضارب معلومات وإشاعات هنا وهناك أعادت كورونا إلى صدارة المشهد، الأمر الذي أعاده قريباً لدى اهتمامات الأردنيين، وهو ما يظهر جلياً على ما يتم تداوله خصوصاً في رسائل تطبيق “واتساب”.
لا شك أنه كابوس من النوع المشروع الذي يعيشه الأردنيون اليوم خوفا من عودة كابوس حظر التجول من جديد، بعد أن تحرروا نفسياً من زواله لأكثر من شهرين، أمر لن يبته سوى الأيام وأرقام الإصابات اليومية التي سيعود الأردنيون من جديد للمشاركة في إحصائها.