فيما انهالت الدول العربيّة، على استيراد اللقاحات الصينيّة، والأمريكيّة، والروسيّة لمُواجهة فيروس كورونا القاتل، كان مركز الهندسة الوراثيّة والتكنولوجيا الحيويّة في كوبا يُسجّل نجاهاً باهرًا، ويُعلن لقاحه الخاص الذي أطلق عليه اسم “عبد الله”، واللافت في كل هذا، أن علماء كوبا، وبعد بحوث طويلة، نجحوا في تقديم لقاحين، وأكّدوا أنهما فعّالين بنسبة 92.28، وهو إنجازٌ أعلنه فخورًا الرئيس الكوبي عبر حسابه على “تويتر”.
وبحسب مركز الهندسة الوراثيّة في هافانا، فإنّ اللقاح يُحقّق فاعليّة ضمن ثلاث جرعات، وحرص الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل على التوجّه إلى المركز صاحب الإنجاز، وشكر شخصيّاً العلماء الذين وقفوا خلف تطوير هذا اللقاح، مُهَنِّئاً على هذا الإنجاز الكبير.
من هو “عبد الله”؟
من هو “عبد الله” الذي سُمّي اللقاح باسمه، ذلك تساؤل يخطر على بال الدول العربيّة التي يكون فيها الاسم مألوفاً، عبد الله هو شخصيّة جرى ذكرها في الأدب الذي يتحدّث عن النضال لتحرير الأرض والشّعوب، وليس أفضل من اختيار كوبا للقاحها اسم “عبد الله”، في ظِل مُواجهتها للتدخّلات الأمريكيّة وسياساتها الاستعماريّة في دول العالم.
وتعود التسمية “عبد الله” تحديدًا، إلى قصيدة كتبها السياسي والصحفي والشاعر الكوبي الشهير خوسي مارتي بيريز الذي كان يُوصَف برسول الاستقلال الكوبي، ونضاله ضدّ الاستعمار الإسباني، وخوض كوبا حرباً ضدّه (الاستعمار) ما بين العامين 1898 – 1895، وعُرِف عن الشاعر بيريز إعجابه بالحضارة الإسلاميّة، والعرب، الذين وصفهم بأنهم “الأكثر نُبْلاً وأناقةً على وجه البسيطة”.
أين الدول النفطيّة؟
وفي دلالات تسمية اللقاح “عبد الله”، قد تكون كوبا أرسلت رسائلها ووضعت اسماً عربيّاً يحمل معاني تحرّريّة من التبعيّة للغرب على لقاحها، ليحمل لواء الدول العربيّة والإسلاميّة وتحديدًا الغنيّة النفطيّة الخليجيّة غير المُحاصرة أمريكيّاً والحليفة لأمريكا كذلك، التي لم تنجح مُختبراتها في تسجيل أيّ تطوير لقاح، حتى لو بنسب فعاليّة مُتوسّطة.
تبقى التساؤلات مطروحةً حول الأسباب التي تمنع مثل تلك الدول الغنيّة في استغلال ثرواتها، ودعم العُقول العربيّة الطبيّة، لتطوير اللقاح ليكون إنجازًا عربيّاً خالصاً، ويأخذ اعتماده عالميّاً، وبدء مرحلة دعم البحوث والدراسات التي تضع العرب في مصاف الدول العلميّة، والبحثيّة، بدل التركيز على مشاريع الترفيه، والأبراج الطويلة، واللوحات الثمينة، واليخوت والجزر العريضة التي باتت صورة نمطيّة تُعرَف بها الإنجازات العربيّة فقط، كما تركيز بعضها على التخلّص من الهُويّة العربيّة والإسلاميّة لغايات ما تقول إنه انفتاح وسطي، يقول مُنتقدون.
ولم يقف الإنجاز الكوبي على لقاح “عبد الله”، فقد أعلنت كوبا أيضاً عن لقاحها “سوبيرانا 02″، وتسجيله نسبة فعاليّة 62 بالمئة، وقد تزداد فعاليّة هذا اللقاح الثاني مع جرعته الثالثة “سوبيرانا بلس”.
كوبا من الدول التي كانت تُعاني أساساً من الحصار الأمريكي، وزاد من مُعاناتها وباء الكورونا، ورغم هذه الظّروف الصعبة نجح مركزها الوراثي بالعمل على تطوير لقاحات للفيروس، الذي قد يكون محط أنظار العالم، في ظل فشل اللقاحات الأخرى في تحقيق عمليّة التحصين من “كوفيد-19″، وكل ما تمتلكه الولايات المتحدة الأمريكيّة من قُدرات، وعُقول طبيّة، وكان غاية الأخيرة مُحاربة وتشكيك باللّقاحات المُنافسة، حيث شكّكت بنجاعة اللقاح الروسي “سبوتنيك” حين أعلن الرئيس الروسي فلادمير بوتين التوصّل إليه.
الرئيس الكوبي يُفاخر..
ونوّه الرئيس الكوبي في حسابه على “تويتر” إلى أنه “على الرغم من أن بلاده تعاني من وبائيين وهُما وباء كورونا والحصار الأميركي، فإنّ العلماء الكوبيون تخطّوا كل العقبات وقدّموا لقاحين فعّالين للغاية ضدّ فيروس كورونا”.
بكُل الأحوال، سيكون اللقاح الكوبي، الطريق الأوّل في تحصين المجتمع الكوبي من الفيروس، والتخلّص من تسلّط الدول الغنيّة على الفقيرة في توزيع عادل للقاحات، فعين السّلطات الصحيّة الكوبيّة هُناك على تحصين 70 بالمئة من السكّان الكوبيين قبل نهاية مُنتصف العام الحالي، فيما تُؤكّد السلطات الصحيّة أن نهاية العام 2021، سيكون جميع السكّان الكوبيين مُطعّمين ضدّ فيروس كورونا.
حصار.. وعراقيل سياسيّة
العراقيل السياسّية المُتعلّقة بحصار كوبا، قد تلعب دوراً في تأخير الاعتراف بلقاح كوبا كلقاح رسمي مُعتمد عالميّاً ضدّ الفيروس ومُتحوّراته، لكن كوبا ووفقاً لمُتطلّبات منظّمة الصحّة العالميّة تحتاج فعاليّة (50 بالمئة) من الفاعليّة فقط لتسجيل واعتماد لقاحها، ولقاح “عبد الله” حقّق فعاليّة وصلت إلى نسبة 92 بالمئة.
وتُطوّر كوبا أيضاً خمسة لقاحات مُرشّحة لتكون لقاحات ضدّ فيروس كورونا وهي: (سوبيرانا 01)، (سوبيرانا 02)، (مامبيسا) وهو عبارة عن قطرات عبر الأنف، إلى جانب (عبد الله)، و(سوبيرانا بلس).
الجدير ذكره بأنّ الحُكومة الكوبيّة تُخصّص 51 في المئة من ميزانيّتها الوطنيّة على التعليم والصحّة والرّفاه الاجتماعي