وارسو.. صرامة دولية ضد الملالي
محمد بن عبدالله السلامة
منذ العام 2004 وعقب غزو الولايات المتحدة للعراق حدثت العديد من الأحداث الجسام التي أذاقت المنطقة عموماً والعراق وسورية ولبنان خصوصاً ويلات الحرب والدمار علاوة على انتهاج سياسة التقتيل والتهجير الطائفي لما تمتاز به هذه البقعة الجغرافية من تنوع في العرقيات وتلون في الأصول والانتماءات، ما يجعل معه فرصة لاستثمار ثرواته واستغلال شعوبه بنهب وتمزيق النسيج المجتمعي ما أمكن.
إن نظام الملالي الذي يرفع شعار «اللعنة على أميركا وإسرائيل» موجهًا جام غضبه إلى أبناء الأمة العربية دون تمييز منه بين شيعي وسني معبراً بذلك عن تعصبه القوي واللامحدود لقوميته الفارسية على حساب الدين الإسلامي ومعتقداته الراسخة، بالتزامن مع حرص وحذر شديدين في التعاطي مع الدولة الصفوية المارقة على نظم وتعاليم المجتمع الدولي علاوة على عدم احترامها لسيادة دول الجوار من خلال بث بذور الفتنة والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد مستهدفة بذلك الانفراد بالمنطقة من خلال أحلاف غير معلنة وخطط بغيضة بغاية السرية مصحوبة بدعاية صفوية، وهذا ما تنبهت إليه الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي مع إعلان الإيرانيين تطوير قدراتهم الصاروخية القادرة على ضرب العمق الأوروبي البعيد والعمل ليل نهار على التهرب من الرقابة الدولية بشأن برنامجها النووي اللاسلمي والذي يشكل خطرا حقيقيا واقعيا لامتوهما فيما لو امتلكت دولة المجوس لهذا السلاح الخطير، وهذا ما تسعى لتلاشيه الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي أدركت أهمية تحجيم إيران من خلال حشد تحالف دولي لتوسيع تحالفها المناهض لإيران ومحاولة استمالة بعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وهذا ما تنبهت إليه المملكة.
وأجج مؤتمر وارسو – الذي جمع ممثلي 63 دولة بهدف التصدي للإجراءات التدميرية الإيرانية التي تقوّض أمن الشرق الأوسط – غضب النظام السياسي الإيراني بسبب تجاهل تقديم دعوى له للحضور لما يشكله الوجود الإيراني من استفزاز لاستعراض قوته المألوفة في المحافل الدولية والتي لم ير العالم منها سوى التهجير والتقتيل وتهديد السلم والأمن العالمي والإقليمي.
وجاءت مشاركة المملكة في مؤتمر وارسو من منطلق دورها في تعزيز مستقبل السلام والأمن بالشرق الأوسط. ورغم الاستبداد المعلن للنظام الإيراني، إلا أن المملكة تظل متمسكة دائماً وأبداً ويشهد لها التاريخ بمواقفها السلمية تجاه الشعوب، وهو ما عبر عنه سمو الأمير خالد بن سلمان، حينما قال إن الشعب الإيراني الصديق يستحق قيادة تلتفت له، بدلا من تبديد ثروته وأمواله للعبث في الخارج، ونشر الفتن الطائفية والإرهاب في المنطقة، مشيرا إلى أن النظام الإيراني لا يزال يعيش أوهام محاولة تركيع العرب وهو ما لن يحدث.
وختاما فإن المتتبع للأحداث ومجريات الأمور يرى وبشكل واضح أن القيادة السعودية ممثلة بصانع قرارها السياسي والعسكري الأمني خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين لا تترك فرصة تفوتها إلا واستثمرتها في دعم قضايا الأمة العربية وبالتحديد القضية الفلسطينية لما تمتلكه من مكانة رمزية مقدسة للعالمين العربي والإسلامي ولما حباها الله من قوة اقتصادية ومكانة سياسية.