- بشرى نيروخ – تعد اللغة العربية من أهم مكونات القومية العربية، وخط الدفاع الأول للأمن الثقافي، في المحافظة على التراث الثقافي والمكتسبات الحضارية، بحسب خبراء ومختصين.
وبينوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف اليوم الجمعة، أن التوظيف اللغوي الرقمي ضررورة حتمية، تسهم في سرعة التداول المعرفي، وتسهل الانفتاح على الأمم المتقدمة للإفادة من علومها، داعين إلى توحيد الجهود لمواجهة تحديات اللغة العربية في الثورة الرقمية.
وقد اختار مجمع اللغة العربية الأردني شعارا بمناسبة هذا اليوم بعنوان (المجامع العربية ضرورة قومية)، ليس تأكيداً لدورها فحسب، بل ليكون دعوةً لجميع محبي العربية والحريصين عليها لاستكمال هذه الرسالة السامية، والإسهام فيها على أسس مؤسسية راسخة، توحّد الجهود وتأخذ بكل الأسباب المتاحة.
وبحسب منظمة الأمم المتّحدة، فإنّ اللغة العربية تعد ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وإحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتحدّث بها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة.
أمين عام مجمع اللغة العربية الأردني الدكتور محمد السعودي، قال إنّ من الأهميّة تعزيز الحوسبة من خلال التطبيقات وبرامج التعريب، والاستعانة بخبرات وتجارب المتخصصين في اللغات الأخرى في إيصال اللغة لغير الناطقين بها.
وأوضح أن المجمع يعمل على رفع الذائقة الأدبية بمواكبة المستجدات العصرية واستخدام الأدوات اللازمة والبرامج المتخصصة عبر أثير إذاعة المجمع ومنصات التواصل الاجتماعي، داعيا في الوقت ذاته إلى رفع الذائقة عبر المناهج الدراسية لتواكب نصوصها الحياة المعاصرة للطلبة، مشيرا إلى دور الأردن الريادي في مجال التعلّم والتعليم، وهو اليوم معوّل عليه في تقديم نموذج مشرف آخر في نصرة العربية من خلال تفعيل قانون حماية اللغة العربية الذي نعده متوافقاً مع أرواحنا وتراث هذه الأمة ومستقبلها.
أستاذ اللغة والنحو في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حامد أبو صعيليك، أشار إلى أنّ التوظيف اللغوي الرقمي ضررورة حتمية، تسهم في سرعة التداول المعرفي، وتسهل الانفتاح على الأمم المتقدمة للإفادة من علومها بما يخدم المعرفة في عالمنا القاصر عن انتاجها.
وبيّن أنّ النهوض بالعربية لاجتياز مشاكل حوسبتها في (القفزة الرقمية) ليس أمرا هينا تتصدى له جهة معينة أو جماعة دون أخرى، بل مشروعا قوميا بإطار لغوي فكري.
وأوضح أنّ توظيف القوة الاقتصادية العربية الهائلة للاستثمار في السوق الرقمي العالمي والدخول إليه كشريك فاعل في بناء محركات البحث وإعداد برامج تعلم العربية الوسيطة في التداول بِعقل لا يذهب في تفتحِه إلى التفريط بشيء من خصائصها، ولا يؤدي في تَحجُرِه إلى الانغلاق في وجه إمكانيات التطور الكامنة فيها.
وأضاف أنّ العربية أظهرت أنها لغة علمية بامتياز، الأمر الذي أدى إلى انتشارها وجعلها أقرب إلى مسايرة العصر وعدم التخلف عنه في ظل جائحة كورونا، وقد بدت هذه المسايرة للعربية في الثورة الرقمية ملموسة بشكل واضح في التعليم الإلكتروني ودالّة دلالة وافية على أن العربية كسبت من الثورة الرقمية كما وكيفا ولا تزال؛ فضلا عما رفدت به شبكة المعلومات العالمية من محتوى علمي يضم مكتبات كاملة من التراث العربي الإسلامي .
وبيّن أنّ التطور الذي حققته العربية في القفزة الرقمية وإن بدا محدودا، وغير مستوف لعناصر ومتطلبات التطوير اللغوي بالمفهوم العلمي الدقيق الذي يخدم العربية ويجدّدها وينهض بها من النواحي كافة، إلا أنّ نصيب التقدم فيه أكبر بكثير مما كان عليه قبل الجائحة.
ودعت وزيرة الثقافة السابقة وأستاذة اللغة العربية في جامعة البترا الدكتورة لانا مامكغ، إلى تطويع الحاسوب للغة العربية، لغايات مواكبة التطور التقني الحاصل، كما هو في العديد من لغات العالم.
وقالت:” آن الأوان لإضفاء المزيد من المرونة والرشاقة للغة، بما يسهم في تجسير الفجوة بين اللغة والأجيال المتتابعة”، مشيدة بجهود العديد من الباحثين في طرحهم للغة بطريقة عصريّة، ذلك أنّ اللغة العربية، هي خير معين للتواصل الذكي مع الآخر، وما تحمله من غنى في النطق لتساعد على تعلّم لغات أخرى.
وعن الآليات اللازمة لاجتياز تحدي حوسبة اللغة العربيّة عبر الشبكة العنكبوتية، بين عميد كلية العلوم التربوية والاداب في الانروا الدكتور وليد العناتي، أن الأمر يعتمد اعتمادا كبيرا على بنية البحث العلمي وتوجهاته؛ ذلك أن الاقتناع بضرورة تجاوز تحديات حوسبة اللغة يمثل منطلقا أساسيا في معالجة العقبات.
وأشار الدكتور العناتي إلى أن التطويع هو أساس التحول نحو مجتمع المعرفة وتنفيذ سياسات لغوية رشيدة، حيث لا يمكن للمجتمع أن يتطور ويتحوّل من الاستهلاك المعرفي للإنتاج إلا بالعربية.
وأضاف أنه كلما نجحنا في ذلك، زادت فرصنا في الاقتدار على تعليم أجود، وكلما تطورت برمجيات المعالجة والتصميم، بما يمكننا من حل الكثير من مشكلات تدريس العربية، داعيا إلى الارتقاء بالذائقة الأدبية لدى الشباب من خلال صياغة خطاب رشيد يستند إلى روح العصر ومقتضياته الاقتصادية والاجتماعية.
ورأى العناتي أنّ جائحة كورونا قد أثرت إيجابيا في غالبيتها على اكتساب الأطفال لغتهم الأم في صورتيها العامية والفصيحة، ونما معجم الأطفال نموا واضحا ضمن مجالات متعددة، بيد أنّ برامج تعليم العربية الانغماسية تراجعت كثيرا، لأنها تعتمد على المساكنة والتواصل المباشر مع أبناء اللغة.