سعاد عريوة تناقش أطروحتها حول رواية “أَعْشَقُنِي” في جامعة محمد بوضياف الجزائريّة
ناقشت الباحثة الجزائريّة سعاد عريوة أطروحتها لنيل درجة الدكتوراة في الأدب العربيّ الحديث والمعاصر في كلية الآداب واللغات جامعة محمد بوضياف الجزائرية/ المسيلة لتنال عليها الدّرجة بتقدير مشرّف جداً وتهنئة اللّجنة المناقشة على منجزها البحثيّ المتميّز في هذه الأطروحة التي تدرس رواية الأديبة الأردنيّة ذات الأصول الفلسطينيّة د.سناء الشعلان حول رواية “أَعْشَقُنِي” ،إذ حملت الأطروحة عنوان “مكونات السّرد وخصائصها في رواية الخيال العلميّ العربيّة المعاصرة:رواية أَعْشَقُنِي لسناء الشعلان أنموذجاً”
وقد تكوّنت لجنة مناقشة الأطروحة من كلّ من: عميد كلية الآداب و اللغات د.عمار بن لقريشي مشرفاً ومقرراً ،والبروفيسور جمال مجناح رئيساً ،والدكتور عبد العزيز بوشلالق ممتحناً،والدكتور بوزيد رحمون ممتحنا الدكتور ميلود فضة ممتحناً،والبروفيسور حشلافي لخضر ممتحناً .
وفكرة الأطروحة انطلقت عند الباحثة سعاد عريوة من سُؤال مُنبثقٍ عَن مُفارقةٍ واضحةٍ : هَل يُمكنُ للعربي أن يكتب روايةَ خيالٍ علميٍ وهو يستهلكُ باستمرارٍ كُلَّ مَا يُنتجُهُ الغربُ علميّاً وتقنّياً.وسُرعان مَا بدأَ هذا السّؤالُ بالتّوسّعِ عبر أسئلةٍ أخرى بل وظهرت الحاجةُ إلى ضرورةِ تجاوزهِ أيضا ببحث قضايا رواية الخيالِ العلميّ الإبداعيّة و المضمونيّة و النّقديّة،من حيث مفهوم أدب الخيال العلميّ وحركته عبر التّاريخ وتكوّن اتجاهاتٍ خاصّة به ،و بحث الخصائص الجمالية الّتي تعكسها أجناسه .
من هذا المنطلق استهدفت الدّراسة تحديدِ خصوصيات كتابة رواية الخيال العلمي العربية في رواية أَعْشَقُنِي لسناء الشّعلان،للاقتراب من هذا النّوع الروائي، حيث تقر الدّكتورة سناء الشّعلان أنّ روايتها قد “خرجت من عباءة الخيال العلمي،فحلقت نحو الحرية دون عوائق من أجل تصوير مستقبل البشرية المفرغ من الإنسانية و المشاعر من خلال الاستعمال اللا إنساني للعلم “.
وقد حركت إشكالية هذه الأطروحة جملة من الأسئلة الفرعية نذكر منها ما مفهوم رواية الخيال العلمي ؟ و كيف يمكننا التّعامل مع وفرة المفاهيم التي يصوغها نقاد و مبدعو هذا النّوع ؟ كيف يمكننا التّمييز بين رواية الخيال العلمي وأنواعٍ أخرى مجاورة كالرواية العجائبية و الغرائبية
ما مسار تطور هذا النّوع عند الغرب و العرب ؟ ما هي خصوصيات كتابة رواية الخيال العلمي من خلال رواية أَعْشَقُنِي لسناء الشّعلان؟وإلى أي مدى تعكس بنيةُ مكوناتِها خصوصيةً وكفاءةً سرديةً عربيةً ؟ وقد توصّلت الباحثة عبر تحليل الرّواية إلى تحديد جملة من الخصائص التي ميّزت مكوّنات السّرد في رواية أَعْشَقُنِي على مستوى البنّية قد مكّن التّحليل البنيوي للرّواية من استخلاص جملة من الخصائص حيث انطلقت الروائية من رؤية جماليّة تتراوح بين ما هو علمي وما هو شاعري على مستوى المكونات، حيث خضع بناء شخصيات رواية الخيال العلمي لشروط أهمّها تناسب بنيّة الشّخصية مع الزمن والمكان والحدث، وقد تعدّدت طرق تقديم الشّخصيات، الطّرق التي مكنتنا من استخلاص جملة من الخصائص لأبعاد الشّخصيّة فيزيولوجياً واجتماعيّاً ونفسيّاً،فالشّخصيّة من الجانب الفيزيولوجي قابلة للاختيار والتّحول، وهذه القابليّة لا تخضع للصدّفة وإنما لأسباب علميّة، أما اجتماعيّاً فهو البعد الذي حددته علاقة الشّخصيات فيما بينها في إطار مجتمع أفرزه العلم أيضا حيث يتّسم بالآليّة وهشاشة العلاقات الاجتماعية، الأمر الذي يفضي إلى نفسيّات معقدة، متمرّدة، خاضعة، وقد أسهم بحث النّموذج العاملي وإقامة مقابلة بين أفعال الهدم والبناء في بيان علاقة الصراع الفكريّ بين الشّخصيات ودوافعهم .
وقد رسمت الروائيّة لروايتها “أَعْشَقُنِي بنيّة زمنيّة خاصّة، مزجت فيها بين الماضي والحاضر والمستقبل، فالرّواية تبدأ من نقطة انتهاء حكاية، سرعان ما تنازع حاضر الحكاية الثّانية وتستولي على مساحات الرّواية، لذلك قد قام التّرتيب الزّمني في الرّواية على المفارقات الزّمنيّة الأمر الذي كسر من رتابة السّرد وخطيّته، وقد ساهم الاسترجاع في الرّبط بين حاضر الرّواية وماضيها وهذا الرّبط بسبب حدث علمي، أي الجمع بين دماغ باسل وجسد شمس وهو المصوّغ الوحيد الذي قام عليه الاسترجاع عن طريق قراءة المذكّرات والرّسائل القديمة، أمّا الاستباق فقد كان عبارة عن توقّعات تحقّق أغلبها في متن الرّواية وهو يبدأ في التّناقص تدريجيا كلما اقتربت الرّواية من نهايتها على عكس الاسترجاع .
المدّة الزمنية الإجمالية لأحداث هذه الرواية هي إحدى وثلاثين سنة، استطاعت الروائية عبر حيّز نصي متوسّط أن تتعامل مع الأحداث بالقدر الذي تحتاجه بالاعتماد على إيقاع زمني خاص تنوع بين الخلاصة والحذف تسريعا والوقفة والمشهد إبطاءً لوقائع تنتمي للألفيّة الثّالثة، هذه الأخيرة تستدعي فضاءً جغرافيّا خاصّا حيث تشتمل الرّواية على أماكن بمحدّدات علميّة أو هي نتيجة لتطوّرات علميّة وتكنولوجية فقد انتقل الإنسان للعيش في الفضاء الخارجي ليتم الانتقال بسرعة الضّوء عبر مدارات مغناطيسيّة بين الكواكب، بمركبات خاصة، والإقامة في مختلف الأماكن كما نلحظ غياب بعض الأماكن كالمقاهي والمطاعم لارتباطها بالجانب
الاجتماعي وتضييع الوقت أحيانا، وقد أفردت سناء الشّعلان فضاءً نصيّاً خاصّاً لروايتها “أَعْشَقُنِي” تميّز باستحداث طرق جديدة ومن أهمها مراسلة القرّاء.