وصفت الهيئة المستقلة للانتخاب تقرير “حالة البلاد” الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمنشور اخيرا في عدد من وسائل الإعلام، بــــ”الانطباعي وافتقاره للدقة”.
وقالت الهيئة في بيان اليوم الأربعاء، إنها، وهي تثني على الجهد المبذول في التقرير، تؤكد انها درسته باهتمام كبير بتفاصيله كافة وخصوصا “حالة التنمية السياسية والإصلاح السياسي في الأردن” والتي استخدمت بحسب التقرير مؤشرات سبعة، وهي المبادرات الاصلاحية وحالة الأحزاب، حالة المشاركة السياسية والمشاركة المجتمعية، حالة مشاركة الشباب في الحياة السياسية، قانون الانتخاب، حالة العمل النقابي، حالة الثقافة السياسية، والتمكين الديمقراطي.
وبناءً على دراسة الهيئة لما ورد في التقرير استغربت ما ورد في الصفحة 1131 من التقرير بأن المعطيات الخاصة بالانتخابات في السنوات الاخيرة تشير الى “تراجع المشاركة الانتخابية بشكل مقلق سواء في انتخابات مجلس النواب والانتخابات البلدية او انتخابات مجالس المحافظات وانتخابات النقابات”.
وتساءلت عن كيفية الوصول الى مثل هذه النتيجة، دون إجراء أي مقارنة رقمية حقيقية ذات دلالات معيارية، خصوصا أن التقرير قد اعدّ حسبما ورد، من محكمين وخبراء ومسؤولين سابقين، بلغ عددهم أكثر من 600 دون ان يهتم احدهم في البحث بالأرقام الحقيقية، مشيرة الى أن تقارير الانتخابات منشورة على الموقع الإلكتروني للهيئة.
وأعادت الهيئة في بيانها التذكير بالحقائق الرقمية التالية:
بلغ عدد المقترعين في الانتخابات النيابية لعام 2016 (1.492.400) ناخب وناخبة، وعدد المقترعين في عام 2013 (1.288.043) ناخبا وناخبة، مشيرة الى أن الباحثين في التقرير أو الناشرين له لم يتداركوا الفرق بين قانون الانتخاب لعام 2012 وقانون الانتخاب لعام 2016، حيث اعتمد الاول على التسجيل الطوعي للناخبين المؤهلين بينما اعتمد الثاني على شمولية التسجيل لكل من بلغ الثامنة عشر عاما وفق سجلات دائرة الأحوال المدنية.
وأشارت ايضا الى أن عدد المقترعين في الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات لعام 2017 بلغ ( 1.302.949) ناخبا وناخبة، فيما شارك (919) الف ناخب وناخبة في الانتخابات البلدية لعام 2013، وفيما يخص المشاركة الشبابية في العمليات الانتخابية، فقد شهدت الانتخابات النيابية لعام 2016 مشاركة (531842) ناخبا وناخبة دون سن الثلاثين عاما، وشارك في الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات (431078) ناخبا دون سن الثلاثين.
وأوضحت أنه وبناءً على ما ورد اعلاه، فإن الهيئة تجد ان النتيجة التي وصل اليها التقرير “هي نتيجة انطباعية لم تنم عن أي دراسة حقيقية أو منهجية واضحة، وأن الفريق المكلّف بإعداد هذه الجزئية يفتقر الى المهارات البحثية”.
ولفتت الهيئة الى أنه ورد في الصفحة 1144 من التقرير أن قانون الانتخاب لعام 2016 “منح حق الانتخاب لمن أتم سبع عشرة سنة”، وهذا خطأ قانوني، حيث أن القانون منح الانتخاب لمن بلغ الثامنة عشرة من عمره، والفرق بينهما كبير في الصياغة القانونية وفي انعكاسها على جداول الناخبين.
وبينت أن سن الناخب الذي يدرج اسمه في جداول الناخبين يكون قد بلغ ثمانية عشر عاما قبل ثلاثة شهور من يوم الاقتراع، في حين انتقد التقرير في الصفحة 1144 قانون الانتخاب لأنه “افرز حالة من التنافس بين اعضاء القائمة الواحدة”، موضحة أن التقرير أغفل أن “المقعد يمنح للقائمة وليس للشخص، بناء على عدد الأصوات التي تحصلت عليها القائمة ونسبتها من مجموع المقترعين”.
وعرجت على انتقاد التقرير لقانون الانتخاب في الصفحة رقم 1144 على أنه “لم ينص على نسبة الحسم”، وتساءلت الهيئة “عن فائدة وجودها؟ وهل حقا تعمل على تدعيم العملية السياسية ام تعمل على إبعاد الاحزاب والقوائم الناشئة الساعية الى إثبات برنامجها وخططها؟”، و “هل درس الباحثون في التقرير نتائج استخدام نسبة الحسم في الانتخابات ومدى تأثيرها على الخارطة الانتخابية ودورها في هدر الاصوات؟”، داعية الى الاطلاع على التجارب العالمية وزيادة البحث والقراءة في هذا الموضوع.
وأشارت الهيئة ايضا الى أن التقرير وجه في الصفحة رقم 1145 انتقادا لقانون الانتخاب بدعوى أنه “لم يوفر منافذ للتمثيل الحزبي في المجلس النيابي”، مستغربة “أين منع القانون مشاركة الاحزاب والترشح عبر قوائمها وجداولها على مستوى المحافظات كافة؟ وتساءلت هل علم معدو التقرير عن قرار التفسير رقم 7 لسنة 2012 والصادر عن المجلس العالي لتفسير أحكام الدستور والذي ينص على “أن تشكيل القوائم سواء كانت قوائم حزبية أو غير حزبية أو مختلطة جائز دستوريا، وان اشتراط الانتساب الى حزب للترشح ضمن القائمة غير جائز دستوريا، لأن مؤداه حرمان غير المنتسبين للأحزاب من تشكيل قوائم أو المشاركة فيها، ويتعارض ذلك مع حكم المادة (75) من الدستور”.
ولفتت الى أن عدد المرشحين من الاحزاب السياسية في الانتخابات النيابية لعام 2016 بلغ 253 مرشحا ومرشحة ينتمون لـ 44 حزبا، أي بنسبة 21ر20 بالمئة من عدد المرشحين الكلي، فاز منهم 37 نائبا ينتمون الى 17 حزبا، بنسبة 28 بالمئة من مجموع أعضاء مجلس النواب.
ونبهت الى ان هذا الانتقاد يتعارض مع ما ورد في التقرير ذاته في الصفحة 1150 والذي وجد أن عدد الأحزاب التي انخرطت في المنافسة الانتخابية ومرشحي الأحزاب والقوائم الحزبية أو المختلطة هو عدد غير مسبوق في تاريخ الانتخابات الاردنية.
وتعقيبا على ما ورد في التقرير في الصفحة 1152 تحت بند حالة المشاركة في الانتخابات البرلمانية 2016 أنها “شهدت تراجعا كبيرا في المشاركة الانتخابية”، قالت الهيئة:
إن الارقام الواردة في اولى ملاحظاتنا تلغي هذه المعلومة من أساسها، وكذلك ما ورد في الصفحة 1152 من التقرير من أن “هناك اسبابا عديدة وراء ضعف المشاركة الانتخابية، ابرزها ضعف المشاركة في المدن الكبيرة التي يغلب فيها كثافة السكان الأردنيين من اصول فلسطينية، والذين يعتقدون أن نظام تقسيم الدوائر الانتخابية غير عادل” متسائلة ما الذي أوصل المجلس الاقتصادي والاجتماعي الى هذه المنهجية أو هذه النتيجة.
وخلصت الهيئة الى أن التقرير استخدم انطباعات عامة لا تصل الى الدقة، داعية الى الابتعاد عن اللغة الانشائية غير المبنية على الحقائق العلمية والعملية، والانطباعات غير المدروسة، والبحث في منهجيات اوضح ومعايير في التقارير القادمة.