الدكتورمهند أحمد القضاة
والانفتاح المجتمعي في زمن كورونا
تجاوزنا في الأردن الأسبوع الأول من هذا الشهر، والذي كان الأصعب، والأثقل في التعامل مع فيروس كورونا، بالرغم من انخفاض أعداد الإصابات اليومية، وانخفاض نسبة النتائج الإيجابية الفحوصات للفيروس، إلا أن نسبة أخرى ارتفعت قليلاً، وربما تكون أكثر أهمية، وهي نسبة عدد الوفيات إلى عدد الحالات المسجلة يومياً، وكذلك ارتفاع نسبة عدد الإدخالات اليومية إلى المستشفيات ووحدات العناية الحثيثة.
تحمل لنا الأيام القادمة معها الكثير من التفاؤل في انحسار هذا الوباء، إن شاء الله؛ وفي كسر شوكته الشرسة في الانتقال المجتمعي، وبناء عليه يجب التخطيط بطريقة طبية، علمية، ومنطقية لتسريع وتيرة عودة الناس إلى نمط حياتي يُراعي السيطرة على الوباء، وتحريك الاقتصاد، وتقليل التضييق على معيشة المواطنين وحركتهم .
وإذا توقفنا عند بعض الأرقام والنسب، وربطناها مع بعضها البعض، سنستنتج أننا يجب ان نُسرع في التخطيط للانفتاح المجتمعي؛ حيث يشجعنا الوضع الوبائي في الأردن اليوم لتبني سياسة فيها أكثر انفتاحاً اقتصادياً، أكثر مما يتوقع البعض.
وعلى سبيل المثال بالأمس القريب تم إجراء فحوصات كورونا لأعضاء مجلس النواب البالغ عددهم (130) نائب، وأعلن عن تسجيل (13) مسحة إيجابية للنواب؛ وهي عينة شبه عشوائية، وكما هو معلوم فإن نسبة الخطأ السلبي في فحوصات كورونا هي حوالي 30%، مما يعني أن نسبة انتشار الفيروس في هذه الأسابيع هي حوالي 20%.
وفي ذروة انتشار الفيروس في الأردن كانت تسجل لدينا خمسة الآف حالة إصابة يومياً. ومن الحقائق العلمية أن نتيجة فحص فيروس كورونا تُصبح سلبية بعد قرابة ثلاثة أسابيع من الإصابة، مما يعني أن نسبة 20% من الأردنيين على الأقل قد أصيبوا في الشهرين الماضيين.
إذا فمن المرجح أن يكون لدى حوالي 40% من الشعب الأردني أجساما مناعية ضد هذا الفيروس، مع نهاية العام الحالي. وسوف يكونون هم خط الدفاع الأول لكسر سلسلة انتشار الفيروس في المجتمع، وسوف يشكلون نسبة كبيرة ومهمة من المناعة المجتمعية.
على الرغم من أن هذه الأرقام تبدو منطقية؛ إلا أنها بحاجة إلى إثبات عن طريق التوسع في إجراء الفحوصات المناعية، والأجسام المضادة لدى المواطنين، كي يكون التخطيط لأولويات منح اللقاحات، ومعرفة نسبة الحاجة لإعطاء اللقاح، لنتمكن من الوصول إلى مناعة مجتمعية؛ تسمح بفتح الكثير من القطاعات الاقتصادية التي تضررت في هذه الجائحة.
ونحن في الأردن بحاجة ماسة في هذه الأسابيع إلى تخطيط طبي سليم، واستشراف للمستقبل بطريقة تخفف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين، وتسمح بكسر سلسلة انتشار هذا الوباء.