عوني الدواود
أكبر «مصيبة» تسببت بها جائحة كورونا، بعد نكبة فقدان أكثر من ( 3 ملايين ) عزيز على اهله على مستوى العالم، واصابة اكثر من (150 مليون شخص)، هي مصيبة « قطع الارزاق « وفقدان الملايين في العالم لوظائفهم، وزيادة اعداد العاطلين عن العمل، وارتفاع نسب البطالة محليا واقليميا وعالميا، بسبب تعطل الاعمال واستمرار جميع صور الحظر الشامل والجزئي في كل دول العالم، وتعطل سلاسل الامداد وتوقف خطوط الانتاج واغلاقات المصانع والمتاجر واقفال فرص العمل في قطاعات منكوبة تماما بسبب هذه الجائحة وفي مقدمتها قطاع السياحة والسفر والطيران والفنادق وغيرها من القطاعات.
مشكلة البطالة كانت ولا زالت هي « العقبة الكأداء « والتحدي الاكبر امام كبرى اقتصادات العالم، فالجميع خاسر من هذه الجائحة – وان بنسب متفاوتة – بدءا من الولايات المتحدة الامريكية اكبر اقتصاد في العالم مرورا باوروبا وليس انتهاء بدول القارة الافريقية او افقر دولة في العالم.
ارقام البطالة مع نهاية 2020 متفاوتة في تقديراتها وتتراوح بين 200 مليون في احسن التقديرات الى اكثر من 500 مليون وظيفة ( بساعات دوام كامل ) فقدت مع نهاية 2020 في العالم جراء جائحة كورونا بحسب تقديرات عالمية.
وبحسب دراسات وتقارير لخبراء عالميين فان البطالة في العام الحالي 2021 ستسير وفقا لسيناريوهين :
الاول يرتبط بعدم تحقيق اللقاحات العلاجية النتائج المطلوبة، « ما سيؤدي إلى العودة المتكررة لسياسات الإغلاق مع كل موجة جديدة من الفيروس، وفي هذه الحالة سينخفض الناتج الاقتصادي العالمي ليقترب من 8 %، وسيقفز معدل البطالة إلى أكثر من 10 % عالميا «، كما سيؤدي ذلك الوضع الاقتصادي السيئ في عامي 2020 و2021 إلى صعوبة أن يستعيد الاقتصاد الدولي توازنه قبل عام 2025.
وفي السيناريو الثاني إذا ما أثبتت اللقاحات قدرتها الفعالة، سينخفض النشاط الاقتصادي العالمي هذا العام 6 %، وستراوح معدلات البطالة بين 5 و5.5 %.
هذا عالميا اما محليا..فتشير الارقام والاحصاءات الى انضمام نحو 100 الف الى سوق العاطلين عن العمل، والى قرابة 500 الف عامل تأثرت رواتبهم وهبطت مداخيلهم بسبب جائحة كورونا، والى فقدان مئات الآلاف من العاملين في القطاعات غير المنظمة لمصادر رزقهم وأؤلئك يشكلون نحو 48% من مجموع العاملين في الاردن.
اما آخر رقم رسمي لمعدل البطالة في المملكة فقد بلغ نهاية 2020 نحو ( 24.9%) وهي نسبة غير مسبوقة والأسوا في تاريخ المملكة كما يصفها خبراء العمل والعمال.
بعد كل هذه الارقام والاحصاءات ونحو – كما العالم – نحتفل اليوم.. باليوم العالمي للعمال.. فماذا نحن فاعلون تجاه هذه « الكارثة « التي ستزداد تفاقما مع تزايد تداعيات كورونا على جميع اقتصادات العالم؟
الحكومة أعلنت عن خطط وبرامج لمحاولة حماية الوظائف القائمة،وأعلن «البنك المركزي» منذ بداية الجائحة عن حوافز من خلال البنوك لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتقديم قروض من اجل مساعدة تلك الشركات على مواجهة الازمة والحفاظ على العاملين وتمكينها من دفع الرواتب والاجور، وقدمت مؤسسة «الضمان الاجتماعي» سيلا من البرامج المبتكرة،ولا تزال من أجل حماية العمل والعاملين.. فهل كل ذلك كان كافيا؟؟
ماذا نحن فاعلون في حال استمرت هذه الجائحة لسنوات قادمة من أجل حماية منظومة العمل والعمال؟ اعتقد انه من الضروري جدا تقديم مزيد من الدعم للقطاع الخاص بصفته المشغّل الاكبر للعمالة،وهو الاقدر على خلق فرص العمل، وهذا يكون بتقديم مزيد من الحوافز والقروض والتسهيلات والدعم بدلا من التشديد والتضييق وعدم اشراكه في القرارات الاقتصادية المؤثرة.
القطاع الخاص يملك مفاتيح حل مشكلة العمالة في الماضي،وتزداد اهميته في الحاضر والمستقبل، وغير ذلك لن تستطيع الحكومة ولا أي حكومة في العالم ان تحل مشكلة البطالة وحدها.