النائب ماجد الرواشدة
بعد اسابيع قليلة وتضاء شعلة مهرجان جرش للثقافة والفنون، وتصبح جرش في عين العالم ووجدانه نبضا حضاريا راقيا، فنا وثقافة، على وقع أنغامها وعلى رجع قصائدها تعود الحياة الى قرون خلت من النبض في عروق اعمدتها وشوارعها وساحاتها، حيث يكاد حجرها ينطق فرحا وشوقا وتحتضن بين جنابتها زوارها ومحبيها الذين يفدون اليها من كل حدب وصوب، يحملون لها حبا وتقديرا لجهود ما زالت تنير دروبها بالفن الراقي والادب الملتزم.
وتبقى هناك صورة شاذة ووضع يجرح هذا الجمال وهذا الإحساس، ويجعل المشهد مثيرا للدهشة والاستغراب، بل السخط والغضب، أيعقل ونحن في موطن الجمال والثقافة، ان نفقد الامل في إعادة الصورة الجمالية المتوقعة لجرش وأهلها وطبيعتها؟ أيعقل ان تغيب عن الساحة تلك الارادات التي صاغت أجمل المشاهد على امتداد الوطن؟ وتترك جرش الحضارة والثقافة والرمز الوطني بامتياز، نهبا لفئة اعتادت ان تسلب الفرحة الكاملة وتشوه الجمال وتجعل في النفس غصة يصعب الاخفاء لها او غض الطرف عنها، ونتساءل ومعنا كل مواطن غيور عن دور تلك الأجهزة الحاضرة الغائبة عن المشهد، والتي لا اظنها وصلت الى حد العجز عن وضع حد لتلك المشاهد المخيبة للآمال من زوار المدينة، فبدلا من ان تستقبل زوارها بالورود والأزاهير مرحبة ومغتبطة، تستقبلهم بصفوف من المتسولين ممن احترفوا الإساءة لمن لا يعطيهم طلبهم ويكون الرد بالإساءة والاستهزاء وربما بعض الحركات المشينة والافعال القبيحة، مثل البصق والقاء بعض النفايات على المركبات، ألهذا الحد نترك هذه الفئات والتي تحدد موطنها عند الإشارات ومداخل المدينة الجميلة؟ فاتخذت منها مقرات ثابتة لها تحت نظر وسمع الاجهزة المعنية، انه من المعيب في حق كل غيور على الوطن ومنجزاته ان تترك هذه الفئة طليقة بدون ضبط وبدون قيود، نحن لا ننكر ان يكون بينهم صاحب حاجة حقيقية، ومنهم من يعتبرها مهنة رخيصة قوامها الاعتماد على عواطف الطيبين واستدار العطف بالتسول، يصل في كثير من الحالات الى حد الابتزاز الرخيص.
فكل اجهزتنا المعنية اما تحدٍ كبير وهي لا شك قادرة على التحدي، فوازرة الداخلية والتنمية الاجتماعية ووزارة السياحة والحكام الاداريون والجهات الأمنية مطلوب منها تكثيف الرقابة والعمل على اجراء البحث والتحري عن ذوي الحاجات الحقيقة وإيجاد حلول لهم تحفظ كرامتهم، واما من يمتهن التسول كمهنة رخيصة مبتذلة فالعقاب الرادع والضرب بيد من حديد عليهم ومنعهم من تشويه الصورة وحتى لا تكون تلك الأماكن بؤرا للإساءة للوطن وللمدينة وأهلها الطيبين، ولزوارها من كل مكان.
فمسؤوليتنا جميعا ان نقف بالمرصاد لهذه الفئة التي باتت تشكل عبئا نفسيا على كل من يفكر بزيارة المدينة وان لا نظهر عاجزين تماما عن توفير الاطمئنان لهم، ونعرف تماما حجم الأعباء على الأجهزة المعنية، ولكن المطلوب هو بحجم وطن ومقومات السياحة باعتبارها من اهم مصادر الدخل القومي، فلا يعقل تركها لفئة شاذة عن سلوك الأردنيين الطيبين والشرفاء.
نتطلع لطي هذه الصفحة وان تبقى جرش الوادعة تستقبل زوارها بأجمل صورة كحاضرة السياحة الأولى في الوطن، ونحن اذ نضع الأمانة في يد أصحابها نناشدهم سرعة التحرك قبل ان يتسع الجرح ويشكل ندبة واضحة تشوه جبين المدينة الجميلة، وان لا تكون هذه الكلمات صيحة في واد، ونكرر هل من مستجيب؟ فقد طفح الكليل وزاد الامر عن حده.