كتب : الصحفي علي عزبي فريحات
يشكل الفساد الاداري ظاهرة وبائية في مختلف المجتمعات ويترتب عليه اضرار بالمصلحة العامة ومصالح الافراد والمؤسسات فان الوقاية منه وحماية المجتمع باتت ضرورة ملحه في ظل المشاكل التي اصبحت تواجهها المؤسسات من فساد وترهل الذي يلحق الاضرار بمؤسسات الدولة والمواطنين لان الفساد الإداري يعتبر اشد أنواع الفساد لأنه يساهم في الترهل وعدم القدرة على مواجهة التحديات وتحقيق الانجاز .
ان هناك إعلانات لشواغر وظائف قيادية عليا يتم تفصيلها من خلال وضع الشروط التي تتلاءم مع اشخاص محددين تكون مفصلة لهم لتعبئة شاغر ووظيفة قيادية عنوانها الواسطة والمحسوبية من فوق ” بالبارشوت” لتمرير الاجندات بقصد التنفيع وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة .
رغم أن هذه التعيينات لا ينطبق عليها الشروط والتعليمات التي يتوجب توافرها بالشخص المراد تعيينه منها عدم امتلاك الخبرة والكفاءة والمؤهل الإداري او تطبيق رؤية لتطوير آليات العمل و الانجاز ووضع الاستراتيجيات والأخطر ان تعيينهم يشكل عبئا على المؤسسة ويتسبب في عجزها لتنفيذ خططها وبرامجها الامر الذي يعيق التنمية والتطوير لديها ويساهم في تراجعها في تقديم الخدمة .
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يتم اختيار اي قيادي يتم تأهيله وتقييمه وكيف تتم محاسبته اذا وقع بأخطاء جسيمة تلحق ضررا كبيرا على المؤسسة والمواطن .
وعلى سبيل المثال حادثة مستشفى السلط والخلل الذي وقع فيه وشركتي العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ والهيئة البحرية التي راح ضحيتها ناس أبرياء بسبب الإهمال الوظيفي وعدم تحمل أمانة المسؤولية ونقص الخبرة.
هل يكفي إقالتهم او حالتهم على التقاعد واعتقد ليس هو الحل بل يجب التعامل مع المشكلة من جذورها فلا بد من مراجعة أليه تعيين الوظائف الإشرافية والقيادية العليا أي قيادي حتى لا يهبط الكثيرون بالبارشوت على المواقع وخاصة ان كانوا لا يملكون أي خبرات او مؤهلات او حتى ابسط احتياطات الأمن والسلامة العامة للهبوط الآمن ودون خسائر او مضاعفات شخصية او مؤسسيه لتكون هذه التجارب عبره للمسؤولين الكبار ان يحسنوا الاختيار.
هنالك وظائف قيادية تم تعبئتها بالبار شوت والضغوط والمجاملة لإرضاء مسؤولين كبار لم ينجزو شيئا ومنهم يقع في مشاكل بسبب سوء أو ضعف إدارته ويتحول للمسائلة من قبل جهات محاسبية ورقابية مثل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بالإضافة الى تحويل البعض منهم الى المحاكم المختصة .
يتوجب أن يعاد النظر في مثل هذه التعيينات وفق شروط ملئ الشواغر العليا عن طريق الإعلان وإجراء المقابلات بكل نزاهة وشفافية لاختيار أصحاب المؤهلات والخبرة والكفاءة من اجل تحقيق التنمية المنشودة والاستفادة من خبراتهم لإنجاز المهام المطلوبة والإصلاحات الشاملة التي يسعى لتحقيقها قائد المسيرة الملك عبد الله الثاني بن الحسين لخدمة الاردن .
وهنالك أمثله كثيرة لقياديين تم ثم هبوطهم بالباراشوت تمت محاسبتهم نتيجة ترهلهم وتقصيرهم ووقوعهم بالمخالفات الوظيفية بسبب عدم المعرفة والدراسة بطبيعة العمل لذلك يتم تحويلهم إلى الجهات الرقابية والمحاسبية والمحاكم وخسرو وظائفهم وسمعتهم وهذا يجب أن لا يعفى الاشخاص الذين اختاروا القيادات المترهلة من المسؤولية فهي مسؤولية مشتركة لذا لا بد من محاسبتهم لأنهم اساءوا الاختيار ومارسوا سلطاتهم وقراراتهم الخاطئة بهدف تحقيق مصلحة او منفعة .
كما يعتبر الفساد الإداري أبرز التحديات التي تواجه الإصلاح الشامل بسبب زيادة انتشاره ومن هنا بات من الضروري السير في طريق الإصلاح ومكافحة الفساد لتحقيق التنمية المستدامة .
ويمكن اعتبار الواسطة والمحسوبية على انها شكل من اشكال الفساد الاداري الذي تكون اضراره كبيره لذلك فإن منع ومكافحة الفساد مسؤولية مجتمعية لا تكتمل إلاّ بمشاركة كافة أطياف المجتمع من خلال تفعيل مدونات سلوك لجميع اطياف المجتمع وعقد العديد من الدورات لنشر قيم النزاهة والشفافية لان الفساد اصبح ينخر في جسم المجتمعات ويساهم في تدمير الاقتصاد الذي ينعكس سلبا على مواجهة الخطط والبرامج والاستراتيجيات والمساهمة في مواجهة التحديات والتنمية الشاملة وبالتالي ينعكس ايضا عى عدم توفير الدعم للمشاريع الانتاجية والخدمية.
من هنا لا بد من التركيز على دور الإعلام لمحاربة الفساد الإداري بهدف صون الحقوق لأصحابها ومحاربة الواسطة والمحسوبية والمحافظة على المال العام لان الاعلام يجب أن يأخذ مسؤوليات متعددة والمساهمة في عمليات التوعية بأهمية الإصلاح ومحاربة السلبية ومنها أشكال الفساد المالي والإداري ويتمثل ذلك بانتهاج الموضوعية وحسن المسؤولية لترصد وتكشف وتتابع أي ممارسات الفساد بعيداً عن التشهير والتحيزواغتيال الشخصية لان الاعلام النزية موضوع بمثابة حارس امين على المال العام من خلال المساهمه في كشف الممارسات الفاسدة وتسليط الضوء عليها من اجل الحد منها .
لذلك يجب ان يكون العمل على محاربة الفساد في مقدمة أولويات أجهزة الدولة كافة لتوفّر إرادة سياسية جادة بالإضافة الى مواءمة التشريعات الوطنية بما يتوافق مع احكام الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد .
مهما عمل أي قيادي أي عمل فيه ظلم للناس او اجحاف او القيام بأعمال فيه خير او شر وان هرب من محاسبة الدنيا فانه لا يستطيع من الفرار من محاسبة الآخرة .