سيف زياد الجنيدي
القانون هو قواعد اجتماعيّة بصيغةٍ حقوقيّةٍ تهدف إلى ضبط سلوك الأفراد، وتنظيم حقوقهم وواجباتهم، وتتّسم هذه القواعد بالعموميّة والتّجريد امتثالاً لمبدأ المساواة.
انطلاقاً من هذه الوظائف يتوجّب أن تكون القواعد القانونيّة مكتفيةٌ بذاتها، معبّرةٌ عن إرادة المشرّع بنصوصٍ صريحةٍ قطعيّة الدلالة تكفل إدراك إرادته واحترامها وتطبيقها من قبل السلطتين الدستوريتيّن الأخريين، بل ومن قبل الأفراد أنفسهم، وهو ما تعارف عليه فقهاء القانون وعلم الاجتماع بمفهومية القانون وبلوغيته.
ونتيجة اتّصاف العمل الإنسانيّ بالقصور، أثبت الواقع العمليّ في كثيرٍ من الأحيان قصور المشرّع عن إبراز إرادته، ما استدعى إيجاد جهات متخصّصة يُناط بها تفسير النّصوص القانونيّة الدستوريّة منها والقانونيّة العاديّة أو الفرعيّة وإيضاح الإرادة التشريعيّة دون الحُكم على الوقائع.
أنشأ الدستور الأردنيّ الديوان الخاص لتفسير القوانين كجهةٍ ذات ولايةٍ عامّةٍ في تفسير القوانين العاديّة، ومنحت قراراته قوة التّشريعات البرلمانيّة فور نشرها في الجريدة الرسميّة. وعلى الرّغم من التّحفظ على منح هذا الاختصاص للديوان الخاص، وتشكيلته، وبعضٍ من قراراته مقارنةً بالأنظمة الدستوريّة المقارنة؛ كمصر حيث منح الدستور المصريّ هذه الصّلاحية للمحكمة الدستوريّة العليا- وهذا ما نأمل تبنيه من قبل المشرّع الأردنيّ بأولٍ تعديلٍ دستوريّ يُطرح- إلّا أنّ قرارات الديوان ملزمة وتجاوزها يُعتبر قطعاً مخالفة قانونيّة.
وعودةً على ذي بدء، ثارت إشكالية محدودة وجدال سرى في مكانه حول مدى إلزامية بلاغات العُطل الرسميّة الصّادرة عن مجلس الوزراء أو رئيس الحكومة للقطاع الخاص، ويكمن موطن الإشكالية ومبرّره إن جاز التّعبير لخلو قوانين العمل المتعاقبة من نصوصٍ ناظمةٍ لهذه المسألة.
كنتيجة طبيعيّة لهذا القصور التشريعيّ لجأت الحكومة الأردنيّة إلى الديوان الخاص لتفسير القوانين في عامي 1972 و 1974 للاستحكام فيما إذا كانت إرادة المشرّع قد اتّجهت نحو شمول العاملين في القطاع الخاص ببلاغات العُطل الرسميّة الطارئة الصّادرة عن مجلس الوزراء؟
وعندها اعتبر الديوان بموجب قراره الأول رقم (14) لسنة 1972، وقراره الثاني رقم (21) لسنة 1974 أنّ التّعطيل في أيام العطل الرسميّة والأعياد الدينيّة حقٌ للعامل الذي يشتغل في مؤسسةٍ منتظمةٍ بحيث لا يجوز أن تحسب تلك العطل والأعياد من أيام إجازته. كما رتّب التزاماً على المؤسسة صاحبة العمل بأن تدفع للعامل أجراً عن أيام العطل والأعياد . وقد اعتبر القرار بأنّ المقصود بالعطل الرسميّة؛ هي العطل الرسميّة الرسميّة المتكرّرة والعطل الرسميّة الطارئة التي يُعلن عنها ببلاغات صادرة عن مجلس الوزراء.
يترتّب بموجب هذا القرار عدّة نتائج قانونيّة أبرزها؛ إنّ اشتغال العامل في أيام العطل الرسميّة الطارئة يكون جائزاً شريطة رضاه على أن يتقاضى أجراً إضافيّاً لا يقل عن (150%) من أجره المعتاد عن عمله هذا. علاوةً على عدم مشروعية أيّة إجراءات تنتقص من حقوقه العماليّة أو ترتّب عليه جزاءً جراء الامتناع عن العمل حينها، والعمل بخلاف هذا يُجافي الحقيقة القانونيّة ويُعتبر انتهاكاً لحقوق العمّال الذين تنهض هممهم وتنسدل جفونهم مرغمة على وقع قرع طبول الحاجة والحرمان.