أسعد العزوني
منذ أن تسلّم المتمسح بالإنجيليين والجمهوريين على حد سواء، دونالد ترمب الحكم في أمريكا قبل سنتين،ونحن نضخ التحليلات التي تفيد أن أمريكا ستنهار على يديه ،وبفعل سياسته المرسومة له بدقة من قبل من جلبوه إلى الحكم وهم اليمين الأمريكي “الإنجيليون”والرئيس القيصر فلاديمير بوتين.
كنا نقرأ الواقع وفق نظرية “القياس والتطبيق”الخاصة بنا في التحليل السياسي،وتزداد فرحتنا بأن تلك التحليلات كان تصيب كبد الحقيقة في مقتل،ولب الفرحة أننا كنا نصيب بدون معلومات أو تسريبات لنا نستند عليها من مصادر،كما يفعل البعض ،بل كان إجتهادا شخصيا مستندا إلى خزين كبير من التجارب والقرارات والقدرة على التحليل .
اليوم سنخرج على المألوف ونتكيء على تحليلات وتقديرات وإستشرافات ثلاثة من كبار قامات الإستشراف والبحث والتحليل السياسي والإجتماعي في أمريكا والغرب،وهم :الفيلسوف الفرنسي إيمانويل تود ،وعالم الإجتماع النرويجي يوهان جالتونغ، والمحلل السياسي الأمريكي غور فيدال.
هؤلاء الثلاثة إشتهروا بصدق إستشرافاتهم ،فالأول والثاني توقعا إنهيار الإتحاد السوفييتي عام 1990 وقد حصل،وكلاهما يتوقعان إنهيار أمريكا على يد ترمب ما بين 2020-2025 ،ستكون الإرهاصات في العام 2020،أما غور فيدال فتوقع تنامي الشعبوية في أمريكا قبل عشر سنوات،ومجيء رئيس نرجسي متهور يقود البلاد نحو الديكتاتورية.
توقع فيدال أيضا عجز العقلاء عن كمح جماحه ،ووضع حد للتدهور الأمريكي الناجم عن سياساته البعيدة عن المنطق،والتي تصب في مجملها في أجندة الرئيس فلاديمير بوتين الذي سهل له الوصول إلى البيت الأبيض، ليثأر من أمريكا التي إستأجرت كلا من غورباتشوف ويلتسين في الإتحاد السوفييتي لتقسيمه وقد نجحا في ذلك.
المجتمع الأمريكي ورغم الهالة التي تغلف أمريكا من حيث القوة والإقتصاد آيل للإنقسام،وهناك رغبة ملحة لدى الكثيرين في فصل الولايات الغنية الشمالية عن الولايات الفقيرة الجنوبية،وقد بداتها ولاية كاليفورنيا من خلال حركة “نعم كاليفورنيا”،لتعبد طريق الإنقسام في الولايات المتحدة ،ونحن بإنتظار إعلان لإفنفصال فعليا.
البوادر مبشرة لتجسيد رغبة الإنفصال من دعوات وغير ذلك إلى عمل ملموس على أرض الواقع ،على غرار ما حدث في الإتحاد السوفييتي الذي كان يوصف بالإمبراطورية الحديدية،ولكنه تشظى سريعا بعد هزيمة الجيش السوفييتي في أفغنانستان على يد أمريكا وحليفها الإسلام السياسي ،الذي أصبح عدوا لأمريكا وشنت عليه ما يطلق عليها الحرب على الإرهاب،والملاحظ أن ترمب بتصرفاته غير المسؤولة في البيت الأبيض يسرّع في عملية الإنقسام.
ظاهرة الإنقسام الأمريكي تتجسد فعليا على أرض الواقع في المناطق والمدن التي يسيطر عليها الإنجيليون وتدعم ترمب ،ولا يجرؤ أحد على إنتقاد الحالة المتردية ،وتشهد تلك المناطق أحيانا عراكا بالأيدي مع المنتقدين لسياسات ترمب ،ويتخوفون مما نتحدث عنه حاليا ،وهو ان هذه السياسات ستفضي إلى تقسيم أمريكا .
إنهيار امريكا القريب لن يمر هكذا مرور الكرام على طريقة إنهيار البرجين في 11 سبتمبر 2001،وستكون له تبعات كبيرة على منطقتنا ،ولذلك فإننا نبشر بأن إنهيار أمريكا ،سيجر إنهيارات ااخرى أولها إنهيار حكم المراهقة السياسية في الخليج التي تضخ مئات المليارات من الدولارات لترمب لشراء ودّه ،دون جدوى ،وكذلك فإن مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية ستلحق بذلك الإنهيار إن عاجلا أو آجلا ،وهذا قدر الله سينفذ.