الدكتور محمد القرعان
إنني فخور بالتقدم الذي حققته الدولة الاردنية في محاربة الفساد ، لكننا لم نكسب الحرب بعد، وثمة المزيد الذي ينبغي القيام به. فالفساد يحرم المرضى من الدواء والعلاج والرعاية ، ويحول دون بناء المدارس والجامعات والمستشفيات، ويؤدي إلى انجراف الطرق تحت الأمطار وموت الفقراء في المغر وبيوت الطين ، والفساد يقلص فرص العمل ويكثر البطالة ويزيد من الجريمة ، ويهدر المال العام.
وفي أكثر بقاع العالم هشاشة، يقوض الفساد جهود تحقيق الاستقرار أو منع تكريس العنف والتطرف والارهاب. ومن حسن الطالع تكاتف كل اجهزة الدولة والاضطلاع بهذه المهمة للبحث في المزيد من سبل مواجهة الفساد وأسبابه وداوفعه. والدولة عموما قدمت تعهدات بعيدة المدى للدفع قدما بأجندة مكافحة الفساد. ومن الأهمية بمكان أن تظهر الدولة إرادتها السياسية بالتصدي لهذه القضية و تسليط الضوء عليها، ومن المهم أيضا إكمال هذا الاهتمام بالمعارف التقنية، واللوائح السليمة والعمل الجاد ووضع الأطر التنظيمية الصحيحة وتحفيز النزاهة والشفافية .
هذا هو السبب في أن تولي الحكومة أولوية للتشخيص كي نفهم الأسباب الجذرية للفساد ، وكي تقيس الجوانب التي شهدت تقدما وترصد مواطن الإخفاق.
ولكي تنجح المبادرات الداعية إلى الشفافية ومكافحة الفساد ، ينبغي أيضا أن تحسين قدرة الاجهزة العاملة بهذا المجال وفهم واستخدام المعلومات بشكل فعال ، لا شك أن تهاون الدولة في الضرب بيد من حديد على الفساد يشجع على توسيع دائرة الفساد ، فهو جريمة بحق كل أردني.
وقد كرست الدولة بالقبض على وزير سابق ولواء جمارك واخرين باعتبارهم متهمين ومتورطين بقضية الدخان مبادئ دولة القانون والمؤسسات وعكست النزاهة والشفافية والمسؤولية في حماية الممتلكات والاموال العامة والمساهمة في تطبيق سيادة القانون حيث يعتبر الفساد جريمة بحق كل أردني ومستقبله وأمنه وصحته وتعليمه والخدمات التي تقدم له.
وتكلل عزم سلطات الدولة على مكافحة ظاهرة الفساد التي تفاقمت في السنوات الاخيرة في القبض على متورطين ومتهمين في قضايا فساد كبيرة راهن البعض بملاحقتهم ومحاكمتهم ، منها ما عرف بقضية الدخان وجلب المتهم الرئيس بها عوني مطيع من تركيا وايداعه للقضاء بقضية شغلت بال الرأي العام.
وبحسب ترتيبات الدستور الجديد فان وضع هذه الاليات توج بتأسيس هيئة لمكافحة الفساد والنزاهة وهي هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وسلطة ادارية مستقلة جاءت برؤى ملكية سامية من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله الذي أوعز بكسر ظهر الفساد.