بلال حسن التل
عندما يأتي تكريمي بمنحي وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الاولى، لدوري وإسهاماتي في نشر الفكر الإسلامي المعتدل، ونهج التسامح والعيش المشترك، من صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وهو القائد الذي ينفرد يحمل لواء نشر صورة الإسلام الحقيقية في المحافل الدولية كدين للإعتدال ، كما أن جلالته رمزاً عالمياً للتسامح وحماية العيش المشترك، فإن هذا التكريم الملكي السامي لي لا يطوق عنقي بطوق من الفخر والإعتزاز فقط، بل يشحذ الهمة للمزيد من العمل، بعد أن أكد لي التكريم السامي صواب أسلوبنا في العمل، ذلك أنني ومنذ البداية أدركت وزميلاتي وزملائي في جماعة عمان لحوارات المستقبل على وجه الخصوص، أن التطرف والإرهاب خطر حقيقي يهدد أمن مجتمعنا واستقراره، وأن مواجهة هذا الخطر لا تتم بندوات نخبوية تعقد في فنادق الخمسة نجوم والسبعة نجوم، وبالقاعات الفخمة في العاصمة، كما أن هذه المواجهة لا تتم من خلال إصدار كتب فاخرة مصيرها زاوية من زوايا ديكور المنازل، تكسُباً من التمويل الأجنبي، بل هو خطر لابد من مواجهته في ميدانه، لذلك أخترنا ذات الشوكة، فذهبنا إلى الميدان لإغلاق مداخل التطرف والإرهاب إلى بلدنا ،فجبنا أنحاء الوطن من أقصاه إلى أقصاه، محاورين محذرين من هذا الخطر، مستعينين بالصّناع الحقيقين للرأي العام والتأثير فيه، وفي هذا الإطار إلتقينا مع الاف الأئمة والخطباء في أكثر من “21” مديرية أوقاف منتشرة من الهضبة إلى العقبة، وتحاورنا معهم عن الأخطار الفكرية والفقهية للتطرف، وعن أخطار الإرهاب على استقرار بلدنا ومنطقتنا، وأكدنا على أن حماية بلدنا من الخطر الخارجي أهم من كل خلافاتنا ومشاكلنا الداخلية، وأن علينا أن نطفىء النيران من حول بيتنا حتى لا تدخل إليه، كذلك تحاورنا معهم عن خطر الإشاعة، مثلما حذرنا من الأخطار الاقتصادية للتطرف والإرهاب، والأهم خطرهما على التماسك المجتعي.
فعلنا ذلك مع الأئمة والخطباء، وفعلناه مع عدد من أصحاب السيادة والنيافة المطارنة وكذلك أباء الكنيسة، ولأننا نؤمن بأن الشباب من أهم أهداف التنظيمات المتطرفة والإرهابية، ذهبنا إلى الجامعات لنحاور طلبتها، ونُسهم في بناء وعيهم حول هذه القضية الخطيرة، معتمدين في ذلك كله أسلوب الحوار التفاعلي، لا أسلوب التنظير الجاف والناشف، وقد استعنا في هذه الحوارات بالكثير من أصحاب الخبرات في الكثير من جوانب أخطار الفكر المتطرف وإفرازاته الإرهابية.
بالإضافة إلى الجلسات الحوارية التي غطت أنحاء المملكة، أكسبتنا فوق الخبرة الواسعة والمعرفة بالكثير من أنماط التفكير وتياراته عند الأردنيين خارج عمان، فقد أكسبتنا أيضاً شبكة من العلاقات التي نعتز بها في مختلف المناطق.
غير الجلسات الحوارية المباشرة، نشرنا الكثير من المقالات حول التطرف وأصوله، لقد اعتمدنا ذلك كله وغيره من الوسائل التي تصنع رأي عام حقيقي.
خلاصة القول في هذه القضية أن سعينا لمحاربة التطرف، كان يجب أن يحوله إلى قضية مجتمعية، لاستنهاض الهمم لمواجهته من خلال التعريف بالإسلام على حقيقته والفكر الإسلامي الحقيقي الذي يمتاز بالإعتدال والتسامح، وبالشراكة مع الآخر، وبعد ذلك الإنطلاق من الإيمان بأن التطرف والإرهاب ليس قضية نُخب تحتمل الفذلكة، ولا وجهة نظر تحتمل الإختلاف، بل هما خطر لا نمتلك ترف الوقت في مواجهته ،وقد جاء التكريم الملكي ليؤكد لنا هذه الحقيقة.
Bilal.tall@yahoo.com