سميح المعايطة
ليس سرا ولا يغيب عن الذهن الواقع العربي المتردي ،وحتى أهل الحق المباشرين في غزة ورام الله لا يقبلون الحديث معا إلا بلغه الخلاف والشقاق تحت لافتات الفصائل ، وسوريا صاحبه الحق في الجولان مازالت تعيش تحت نار الحرب واحتلال أجزاء من ارضها في شمالها وأجزاء أخرى . لكن الكارثه ان هذا الزمن ذاته هو الذي يحمل مخاطر كبرى على الحقوق الاساسيه مثل القدس والدولة الحقيقيه للفلسطينيين على أرضهم وليس على ارض أخرى .
الأردن في هذا الملف ليس طرفا مطلوب منه التضامن مع الحق الفلسطيني فقط ،بل هو المتضرر الأول من ضياع حق الفلسطينيين في الدوله والعوده والقدس ، وهو في ذات الوقت بلد يعاني من ازمه اقتصاديه يحاول البعض تحويلها إلى ازمه سياسيه وامنيه وربما اكبر من ذلك ، وفي المحيط الإقليمي هنالك من لم تعد تعنيه بقايا القضيه الفلسطينيه ،ولا يمانع في مجامله واشنطن وتل أبيب او مقايضة اي موقف مقابل خدمه او دعم في مجال آخر.
ما يفعله جلاله الملك في هذه المرحله لا يغيب عنه الواقع العربي ومشكلاته ،لكن الملك يدرك أنه لا يستطيع السكوت أو انتظار ما سيأتي ، ولا يجوز الاكتفاء بندب الحظ والبكاء على الواقع المرير ،ولهذا كانت الخطوه الأولى للملك تجاه الأردنيين حين أعلن أمامهم ان الاردن يتعرض لضغوطات فيما يتعلق بموقفه من القدس وغيرها ،و طمان الناس انه ثابت على مواقفه ،لكن الأمر يتطلب منا جميعا الارتقاء باولوياتنا إلى أعلى المراتب وهي المحافظه على الأردن ومواقفه الكبرى .
والخطوه الثانيه كانت عربيا سواءا من خلال قمه القاهره الثلاثيه او ما سيتبعها من زيارات او اتصالات ومواقف بما فيها إلغاء زيارته إلى رومانيا ،وكل ما يفعله الملك رساله بأن على العرب ان يرتقوا أيضا باولوياتهم ،وأن تكون قمه تونس القادمه مناسبه لموقف عربي واضح يقطع الطريق على اي موقف من اي طرف يمكن أن يستفيد منه اي مشروع تسويه يحرم الفلسطينيين من
حقوقهم الكبرى .
الملك يعلم جيدا واقع الأمه ،ويدرك أكثر من غيره معادلات العالم العربي وانقساماته وخلافاته ،لكن لا يمكنه أن يضع يده على خده بانتظار المجهول ،لهذا فهو يقود فعلا رياديا لمواجهة القادم ومحاوله تصليب الموقف العربي رغم مراره ما حولنا .
العمل وبذل الجهد في ظل الظروف الصعبة هو الذي يسجل لأصحابه ،والملك يفعل ما ينسجم مع رسالته ودور الأردن على امل ان يفعل الآخرون ما عليهم .