أسعد العزوني
لا أتحدث عن وزير خارجية بعينه،ولا أقصد وزير خارجية عربيا أو أجنبيا ،بل أتحدث عن مهنية وحرفية وطبيعة عمل ومواصفات وزير الخارجية المكلف بادارة ملف الشؤون الخارجية الماهر في صنع وإدارة العلاقات العامة ،وتحقيق المنافع السياسية على الأقل لبلده ،وينفذ سياسات بلده وينقل رسائل صانع القرار إلى صناع القرار في العالم.
ولأنه وجه البلد الخارجي بعد صانع القرار في بلده ،فإن عليه التمتع بصفات وكاريزما ومهارات تدعم حضوره الدولي ،وتساعده في إيصال ما يريد إلى الطرف الآخر،وليس سرا القول أن أي طرف آخر يتخذ موقفه أولا من طبيعة موقف المرسال وليس المرسل أي حامل الرسالة وليس مرسلها،ولذلك عرفنا بعض وزراء الخارجية في العالم وما تزال بصماتهم حتى يومنا هذا ،لقوة حضورهم ومقدرتهم على إيصال الرسالة وتثبيت الموقف الوطني لبلدهم من القضايا ذات الشأن.
كثيرة هي مواصفات وزير الخارجية الناجح،وأهمها المهارة الدبلوماسية وفهم الأمور كما يجب،والإطلاع الكامل على ما يجري في العالم،ويتوجب إختياره من الفئات العمرية المتقدمة التي تحمل ملفات سياسية وعمقا استراتيجيا ولديه قوة شخصية،ومشهود له بالشفافية والنزاهة وحسن الخلق،لأن هذه الصفات تعينه على أداء مهامه وتساعده على فرض إحترامه على الآخر أي آخر قويا كان أو ضعيفا،وإلا فإنه سيضيع ويضيّع البلد الذي يمثله ويعطي صورة مغلوطة عن صانع القرار في بلده،ويكون هدفا لنوايا الأعداء امثال وزيرة خارجية مستدمرة إسرائيل الصهيونية التلمودية السابقة الحوراء تسيبي ليفني التي أقامت علاقات حميمية حسب إعترافاتها مع العديد من المسؤولين العرب ممن يعملون في نفس دائرة عملها.
هناك محظورات يجب أن يأخذها صانع القرار عند تعيين وزير خارجية له يمثله في الخارج ،ويتحدث بإسم البلد في المحافل الدولية في حال عدم وجود صانع القرار نفسه في هذه المحافل،وأبرزها أن لا تكون هناك إمتدادات عائلية أو أي درجة من درجات صلة القرابة لوزير الخارجية في دوائر صنع القرار في الخارج وخاصة العدوة منها ،لأنه سيكون متأثرا بذلك وربما ينفذ الأعداء إليه من خلال قريبه ،كما انه يتوجب عدم وجود إمتدادات فكريه له في دوائر صنع القرار في الإقليم والعالم ،لضمان إستقلالية صنع القرار في بلده ،والأهم من هذا وذاك أن يكون هو نفسه فاهما لمصالح بلده وإستراتيجية صانع القرار الذي يمثله ويحمل رسائله.
كما يجب أن لا تكون هناك منافع متبادلة ومصالح مشتركة لوزير الخارجية مع دوائر صنع القرار في الخارج ،حتى لا يتأثر عمله ويصبح موظفا لدى تلك الدوائر وخاصة تلك المنافسة لبلده والتي تكن لها العداء.
ليس شرطا على وزير الخارجية إتقان مهنة التصحيح والتحرير اللغوي ،فهذه مهمة أركان مكتبه الذين يصوغون البيانات ويصدرونها في المناسبات المحددة ،فمهمته تنحصر في الدفاع عن مصالح بلده قبل مجاراة مصالح المنافسين وتبنيها ،ليلحق الضرر بمصالح بلده،ويتأتى ذلك من خلال مهاراته التي يمتلكها وخبرته وطريقة تعامله مع الآخر.
مجمل القول فإن وزير الخارجية يعد ركنا أساسيا من أركان البلد أي بلد ،وأن حضوره في المحافل الدولية يضفي هيبة على بلده وعلى صانع القرار فيها،وفي حال أخل وزير الخارجية بهذه الشروط،فإن مصالح بلده تكون في مهب الريح،ويؤخذ عليه انه “طرطور”يعمل لدى الآخرين تحت ستار انه وزير خارجية بلده ،وما أكثر هذا النوع من الوزراء.