الدكتور فخري الفلاح بني نصر
بسم الله الرحمن الرحيم
وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ
كلمة الهمز في اللغة العربية هي اسم، و له معاني كثيرة، فمثلا الهَمْز هو صوت الريح السريعة، و هو أيضا مصدر من الفعل هَمَزَ، و يعني الطعن في أعراض الناس، و الحديث عنهم بالغيبة، و الشخص الهماز هو الشخص الذي يغتاب غيره، و كلمة هماز هي صيغة مبالغة من الفعل هَمَزَ، و كلمة هُمَزة هي اسم الفاعل من هَمَزَ.
وكلمة اللمز من الأسماء في اللغة العربية، و هو مصدر من الفعل لَمَزَ، و معنى اللمز هو الانتقاص من الآخرين عن طريق التلميح بعيوبهم و الإشارة إليها، و تعني أيضا النميمة، و صيغة المبالغة من الفعل لَمَزَ هي لماز، و لُمَزة هي اسم الفاعل من الفعل لَمَزَ.
ذكر الله تعالى الهمز و اللمز في كتابه العزيز، و ذكر أيضا الهمازين و اللمازين، فيقول تعالى: “وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ” و يقول أيضا: “همَّازٍ مشاء بنميمٍ”، و يقول في سورة المؤمنون: “وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ”، و كذلك قوله في سورة التوبة: “الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ”، و أيضا في قوله: “و لَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ و لَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ “.
واختلف المفسرون في تفسير الفرق بين الهمز واللمز و معنى كل منهما، فيرى بعض المفسرين أن الهمز يكون بالفعل بينما اللمز يكون بالقول، بينما يرى آخرون أن الهماز يهمزك في وجهك، بينما اللماز هو من يغتابك من خلف ظهرك، و قد وضح الرازي رؤيته في الفرق بين الهمز واللمز، حيث يرى أن الهماز هو الشخص الذي يغتاب غيره، بينما اللماز هو الشخص الذي يعيب غيره بالنميمة، والمعنى في الحالتين واحد، وهو ذكر عيوب الآخرين أو الإشارة إليها او الاستهزاء بهم سواء كان ذلك قولا أو فعلا، علنا أو سرا، من أمامهم أو من خلف ظهورهم.
ويقول ابن منظور في كتابه لسان العرب أن الغمز هو ذم الناس بالفعل، و قد تذم غيرك بأن بجوارحك مثلا أن تشير إشارة مهينة لشخص ما بعينيك أو بحاجبيك أو بيديك، بينما اللمز يكون باللسان، فتذم الشخص بذكر نقائصه و عيوبه أمامه أو في غيبته.
ويرى العلامة ابن النابلسي أن الهمز و اللمز معناهما هو السخرية من الغير، و ذكر عيوبهم بإشارة أو بتعابير الوجه أو بالكلام، أو بأي طريقة أخرى، و في رأي الشيخ النابلسي فإن الشخص الهماز اللماز هو شخص عنده مشاكل نفسية، فهو يرتاح لذكر عيوب الآخرين، و يرى نفسه أفضل منهم لذلك، و يسميهم ابن النابلسي بالقناصين الذين يبنون مجدهم على أنقاض الآخرين، و أن المؤمنين لا ينبغي أن تكون هذه الصفات فيهم، فالمؤمن يقبل الناس بعيوبهم و لا يعايرهم بها، و ينظر للآخرين نظرة إيجابية و يرى محاسنهم قبل عيوبهم.
في هذه الايام المباركة من العشر من ذي الحجة ,علينا عدم الهمز واللمز في الناس ,والقيام بالأعمال الصالحة والتكبير والتهليل والصيام والوقوف يوم عرفه مع الحجاج بيت الله .