الدكتور عثمان الطاهات
يشكل الإعلام الحديث خط التماس الأول للتعامل مع الأزمة وإن آنية الإعلام وموضوعه ودوريته ، وتنوعه أمور تجعله الفاعل الأكثر تأهيلا للتعاطي مع الازمة منذ مراحلها المبكرة ،وذلك بعكس البحث او الكتاب او المسرحية او الرواية او الفيلم التي بحكم طبيعتها تحتاج الى زمن أطول للتعرض للأزمة ومعالجتها .
أصبح الاعلام الحديث الشاشة العريضة التي تظهرعليها وتتوضح وتتكشف مختلف الصراعات والأزمات في المجالات كافة وهذا ما يفسر تعدد ،وتوسع ،وتعمق الروابط والهوامش المشتركة بين الإعلام والعلوم والمجالات المختلفة.
أصبحت اهتمامات وسائل الإعلام الحديثة عامة ومتنوعة تتسع لتشمل مجالات الحياة كافة وخطابها عام ومنتشرة وتتسع لتشمل المجتمع كافة والرأي العام الاقليمي والعالمي، وفي ضوء ذلك يمكن فهم انجذاب الفعاليات والمجالات الاخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية …الخ واندفاعها صوب الساحة الإعلامية لتشخيص واقعها، ولمعالجة أمورها وتقوية تأثيرها ومخاطبة جماهيرها .
يزداد الاعلام الحديث التحاما بالقوى الفاعلة في المجتمع وفي النظام السياسي السائد ،ففي الانظمة ” التعددية ” تعود مرجعية وسائل الإعلام المادية، والفكرية، والتحريرية الى القوى الاقتصادية الفاعلة في المجتمع وهذه القوى مرتبطة بالدولة من حيث آلياتها وميكانيزماتها وملتحمة بها الى درجة الاندماج ، وفي الانظمة “غير التعددية” تعود في الأعم والأغلب ملكية وسائل الإعلام الى النظام السياسي وأجهزته ومؤسساته فهو الذي يوجدها ويحدد استراتيجيات عملها ومنطلقاتها وهكذا نرى ان المؤسسات الإعلامية وبغض النظر عن نوعية الانظمة ليست اكثر من مجرد أدوات وأجهزة مكرسة لخدمة الانظمة القائمة، والمتغير الوحيد هو أشكال وأساليب هذه الخدمة والحرفية الإعلامية المستخدمة، والمهام والوظائف المطلوب تحقيقها والقوى المطلوب خدمة مصالحها .
ويمكن القول ان هناك تأثيرا متبادلا بين الإعلام والأزمة حيث تؤدي ظروف الأزمة الى تزايد أهمية الدور الوسيطي الذي تقوم به وسائل الإعلام خصوصا في تقديم المعلومات ،وشرح أهمية ومغزى الأحداث ،وبناء الوفاق الاجتماعي ،وتخفيف التوتر والقلق ، كما تقوم الازمة الى دعم ومساندة أدوار وسائل الاعلام في تأدية رسالتها ،اضافة الى ان الازمة تجذب اهتمام وسائل الإعلام الذي يصبح اكثر تعرضا لها وهذا ما يفسر حقيقة ان ظروف الازمة تتميز دائما بالاستخدام المكثف لوسائل الاعلام والاتصال .