نادر خطاطبة
أمس كشف رئيس بلدية اربد الكبرى م . نبيل الكوفحي ان دخول البلدية على خط ملف ” اربد عاصمة الثقافة العربية ” تم منذ عشرة أيام، ولاشك ان ما نفذته على صعيد الدعم اللوجستي ، كان لافتا ، رغم الهفوات التي سادت مواقع التواصل ، لكن ورغم الإسناد المتاخر من البلدية ، لللجنة العليا للمدينة التي يرأسها رئيس الوزراء ونائبه رئيس وزراء أسبق، لكن للان لانعرف غاية وجود هذه اللجنة، سوى إضفاء طابع الشيخة والمشيخة على الحدث ، بدلالة ان ارهقتنا بتصريحات رنانة ، جاءت انطلاقة الاحتفالية لتؤكد ، أن اللجنة كانت آخر من يعلم، بما يحضّره ما اصطلح على تسميته المكتب التنفيذي للعاصمة الثقافية …
اول المنجزات المفترض أن يكون اقواها، ونقصد حفل الانطلاقة ، جاء خاليا من اي محتوى ، وطغت سمت التواضع على فقراته ، ونجزم ان مدرسة ثانوية من مدارس المدينة ، متمرسة بالنشاط اللامنهجي، كانت قادرة على الاتيان بما هو أفضل.
لابد من التوضيح ان حجم العبث والاستهتار بدأ انه كثير ، في وقت اوهمنا الرسمي انه يحضر لمنجز وطني وعربي وعالمي ، ما يشي ان الحالة النقدية تجاه اختلالات آليات التعاطي مع الحدث ، ستكون كثيرة ، وستزيد في قادم الأيام، لسبب يجمع عليه المثقفون عموما، عنوانه، ان الامور أسندت لغير أهلها في إدارة الحدث ، والاشراف عليه .
للتذكير فمدينة اربد كانت الأولى على صعيد مدن الثقافة الاردنية ، وانجزت مشروعا جيدا عام ٢٠٠٧ ، وكان له نجاحات نسبية في مفاصل كثيرة ، وعماد نجاحاته انذاك تكاتف جموع المثقفين والمجتمع عموما الرسمي والاهلي لانجاحه، وكنا نظن ان توافر الخبرة بحكم التجربة ، ستهيء أرضية مناسبة لنجاح اكثر واكبر في عاصمة الثقافة العربية ، لكن استبعاد الخبرات ، واللجوء للغمغمة في التعاطي مع الملف، وأسلوب إدارته وشى مبكرا أننا سنكون مع انطلاقة هزيلة ستكون حديث الشارع ، وهو ماكان ، واقل وصف يمكن ان يطلق على انطلاقة العاصمة الثقافية ، هو الفوضى بعينها ..
وللتذكير ايضا ، فاختيار المدينة من قبل اليونسكو عاصمة للثقافة العربية كان منتصف العام عام ٢٠١٨ ، اي قبل ٤ سنوات ، فكنا نملك ترف الوقت ، الذي يمكننا أن ننعم بساعات وأيام تحضير تنتج ما هو أجمل، وشرعت البلدية انذاك لاعتبارات أنها الأكثر أهلية لإدارة الحدث وانتاجه بالاعداد المبكر ، وفي غفلة لانعلم غايتها ، سحب البساط من تحتها ، ليناط الملف بمؤسسة تطوعية كانت ميتة منذ عقود ، واعيد احيائها عام ٢٠١٧ وتسمى ، ( مؤسسة اعمار اربد ) ، وهي وفق التشريع مؤسسة وليدة ، تطوعية، اشبه بالجمعية ، وظيفتها إسناد جهود البلدية عبر تحديد احتياجات المجتمع المحلي ، والتوصية بها للجهات التنفيذية ، وما اكثر جهات التواصي، وندرة استجابة التنفيذي ، سيما وان جل المشاريع حالمة..
ما علينا .. لكن سحب الملف ، كان يستوجب من وزارة الثقافة ان تتنبه مبكرا ، لقضية الرقابة والمتابعة لمن أسند له الامر ، سيما وان اي منجز خيره سيسجل لها كراعية رسمي ، للمشهد والحياة الثقافية الاردنية ، وجاحد من ينكر ان الاختلال في إدارة الملف بدأ يطفو على السطح مبكرا ، وعلت أصوات القطاع الثقافي محذرة، لكن الوزارة من رأس هرمها وحتى اذرعها واطرافها اتخذت مكانا قصيا، لاتتوافر فيه زاوية رؤيا رقابة ، وبين حين واخر كانت تلتئم ما تسمى اللجنة العليا برئاسة ونيابة أصحاب الدولة ، وعضوية ذوات المعالي والعطوفة ، والمخرج كلام ” ان الامور عال العال ” فيما زاوية المشهد تعكس أننا ذاهبون نحو ” الوبال ” ..
كنا نعتقد ان مضي نصف العام من عمر الحدث دون تقديم اي شيء ، سيجسد مقولة ” كل تأخيره فيها خيرة ” لكن ما جرى جسد مشهد كثرة الذوات الذين يرقبون جهد العامل الوحيد في الحفر ، ليقطفوا الثمرة نهاية المطاف ، الا ان المأساة بينت ان العامل، يهرف بما لايعرف، والنتيجة غياب أي نموذج يمكن ان يعكس صورة الأردن الثقافية والتاريخية، عموما ، وحضارة وتاريخ وحاضر اربد على وجه الخصوص ، فهل من جهة تستدرك ؟؟ !!!