الحاجة أم الاختراع، مقولة جسدها الصياد الفلسطيني معاذ أبو زيد (35 عاماً)، على أرض الواقع بعد أن تمكن من صناعة قارب من 700 زجاجة بلاستيكية، لينطلق باحثاً عن رزقه ورزق أطفاله بإمكانيات بسيطة.
ولدت الفكرة لدى الشاب الثلاثيني، بعدما كان يرتاد البحر كل يوم، متأملاً مراكب الصيادين التي يبلغ ثمنها آلاف الدولارات منطلقة للبحر حاملة على متنها عشرات الصيادين، ولا يمتلك منها دولاراً واحداً، ليحقق حلمه بعدها بالعمل في مهنة الصيد وامتلاك قارب، وإزالة اسمه من قائمة العاطلين عن العمل.
ولم يتمكن معاذ من شراء قارب صيد نتيجة ظروفه المالية الصعبة، حتى لو كان حجمه صغيراً، ما دفعه حبه لهذه المهنة للصيد بـ «الصنارة» على شاطئ البحر قبل صناعة القارب البلاستيكي ليعيل أطفاله الأربعة، بعدما توقف عمله في مهنة «الدهان» نتيجة ضعف الإقبال على دهان منازل المواطنين، بعد مرور سكان القطاع بحالة كساد وركود اقتصادي، بعد خصومات السلطة على رواتب الموظفين.
«معاذ» في صناعة قاربه 700 زجاجة فارغة متناثرة على شاطئ البحر، وإلصاقها بجانب بعضها وإحكام ربطها ببعضها البعض، حتى لا تتناثر بفعل أمواج البحر، وتشكل خطراً على حياته وحياة أشقائه داخل البحر.وعلى سطح هذه الزجاجات المتراصة، والمصنوعة بشكل تقني مثل قوارب الصيد، حيث عمل على تشكيل القارب بشكل انسيابي في مقدمته للتعامل مع أمواج البحر المتلاطمة، وضع على سطحها لوحاً من الخشب بعرض متر ونصف تقريباً، وطول يصل إلى ثلاثة أمتار، ليصبح القارب جاهزاً للدخول إلى البحر.
«حققت حلمي بالدخول إلى البحر بإمكانيات بسيطة، فمن العدم تمكنت من صناعة قارب، ومن الصفر بحثت عن رزقي داخل البحر، واستلفت من والدي ما يقارب 150 دولاراً أميركياً لإتمام صناعة القارب ليعيل أسرتي وعائلتي وأشقائي».. هكذا عبر الشاب الفلسطيني عن تحقيق حلمه.
وتابع: «بهذه الإمكانيات البسيطة اصطاد أيضاً كميات بسيطة من الأسماك بسبب المساحة الضيقة التي انتقل داخلها في البحر، ولكن سعادتي لا توصف مع أشقائي بعد هذا النجاح والإنجاز».وانطلق معاذ في أول رحلة له داخل البحر مع أشقائه بعد صناعة القارب قبل أسبوعين، لثماني ساعات قبالة سواحل رفح، ليخرج منه حاملاً ما يقارب خمسة كيلوغرامات من أسماك السردين والبوري، ليجني ربحاً يقدر بـ 30 شيكلاً (8 دولارات أميركية).