سلط فيديو مجزرة التضامن الذي بثته صحيفة الغارديان البريطانية قبل أسبوع الضوء على مجازر جرت بحق الشعب السوري على يد النظام ولجانه الشعبية المعروفة بالشبيحة.
وأظهر الفيديو إعدام 41 مدنيا أعزل بدم بارد ورميهم في حفرة ثم حرقهم قبل ردم الحفرة، وما رافق ذلك من ألفاظ وكلمات طائفية وعنصرية، وهو واحد من 27 فيديو يوثق مقتل نحو 280 ضحية في هذا المكان بتاريخ 16 أبريل/نيسان 2013 في شارع نسرين في حي التضامن جنوب دمشق.
المجزرة التي شاهد العالم تفاصيلها أدت لمعرفة بعض الضحايا من قبل ذويهم ممن تم قتلهم ودفنهم، وقد حسب مرتكبو هذه الجريمة أنها دفنت إلى الأبد، ومن هؤلاء أسرة وسيم عمر صيام، التي تقطن في مدينة فرانكفورت منذ 2016، وهي أسرة وصل أفرادها لألمانيا على مراحل في رحلة شاقة ومؤلمة.
كيف تم التعرف على وسيم؟
والد وسيم، عمر صيام فلسطيني مواليد 1954 من مخيم اليرموك خريج جامعة دمشق لغة عربية، قال للجزيرة نت “لن أتحدث عن كوني أبا مفجوعا بابنه البكر، ولكن بلسان كل أب فقد ابنه على يد النظام وشبيحته وكل أسرة فقدت أبناء لها ولا أحد يعرف عنهم شيئا وكأن دماء الأبرياء لا قيمة لها”.
وعن تعرفه على ولده، قال “شاهدت والدته الفيديو المسرب كما شاهده الملايين، فعرفت وسيم، كانت صدمة كبيرة لا شك في ذلك، كان هناك يقين لدي أن ابني قد تمت تصفيته على يد النظام ولكن لم يخطر ببالي قط أن تكون بتلك الطريقة”.
وأضاف “وسيم خرج للعمل ودخل لمنطقة التضامن في 14 أبريل/نيسان 2013 بحثا عن طحين ولم يعد، وهو كما يعرفه الجميع خلوق ومهذب وليس له أعداء، وقته مكرس للعمل وأسرته، فهو خريج معهد متوسط فندقي وعمل بالشيراتون والميرديان، متزوج وعنده طفلتان سيدرة ورونق، كانتا تبلغان من العمر وقت اختفائه 6 و4 سنوات”.
ويتابع “بحثنا عنه ولم نصل لنتيجة وتم ابتزازنا من قبل بعض ضباط النظام، حيث دفعنا في وقتها لأحد السماسرة واسمه مصطفى زين القلعاوي ما يعادل 6 آلاف دولار أخذها من والدي رحمه الله الذي توفي 5 سبتمبر/أيلول 2013، مقابل الكشف عن مصير وسيم، وبعد سنة من اختفائه سافرت لجبلة لأحد أقارب سهيل الحسن (عميد في جيش النظام السوري) وكان الاتفاق أن أعطيه نحو 10 آلاف دولار مقابل الإفراج عن ابني -حيث كنا نظن أنه معتقل- فأخبرني ألا أبحث عنه فليس له أي قيود في الاعتقال وهو يرجح تصفيته على أحد حواجز اللجان الشعبية”.
الرحلة إلى ألمانيا
يصف والد وسيم حياة الأسرة أنها باتت جحيما لا يطاق بسبب التضييق على مخيم اليرموك منذ بدء الثورة السورية، حيث اضطر لإرسال ابنه خالد قبل حادثة ابنه وسيم بقليل إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، بسبب البحث عنه من قبل النظام بذريعة سوقه للتجنيد الإجباري.
وأستدرك “لكن أود أن أقول لكم أمرا ربما لم يتم التطرق إليه في وسائل الإعلام، الجريمة التي حصلت وهناك ربما عشرات لم يعلن عنها، كانت تتم بدوافع طائفية وعنصرية، فجل الضحايا من الفلسطينيين، فالمكان الذي وقعت فيه المجزرة بشارع نسرين حي التضامن يقطنه ضباط وعناصر من الطائفة العلوية، وهم الكثرة هناك، وقلة من الطائفة الدرزية، وهذا المكان كان تحت سيطرة الشبيحة، وقد سبق لهم ارتكاب مجزرة مروعة بحق أبناء شارع الجاعونة في مخيم اليرموك وذلك في الثاني من أغسطس/آب 2018، حيث قصفوا الشارع بقذيفة هاون، وحين تأكدوا من تجمع الناس لإنقاذ المصابين قصفوا التجمع بقذيفة أخرى مما أدى لسقوط 15 شهيدا وعدد كبير من الجرحى”.
وختم خالد حديثه “وما مجزرة التضامن إلا تعبير عن البعد الطائفي ضد الضحايا وزاد في الحقد أنهم فلسطينيون”.