الدكتور سفاح الحكومة تخسر الانطباع الأول
انجاز- كتب : الدكتور سفاح الصبح
على الرغم من قولهم الانطباع الأول يدوم إلا أنه يمكن نقضه بقولهم أيضا كل شيء ممكن و نعم تستطيع !! و باختصار شديد خسرت الحكومة الجولة الأولى باختيار دولة الرزاز لفريقه الوزاري من دائرتين وحيدتين بنسبة مطلقة لم ترك للدائرة الثالثة فرصة للخروج من قسم الخداج بالرغم من وجودها بيولوجيا في الفريق .
فالدائرة الأولى هي دائرة الحكومة السابقة التي ثار الشارع عليها و أسقطها ( 15 ) وزير من أصل (29) وزيرا ، بنسبة تزيد عن الخمسين بالمائة و هم الوزراء الذين وقعوا على قانون الضريبة و غيره من القوانين التي أضرت بواقع المواطن الأردني و أحلامه دونما أخذ بالبعد الأخلاقي السياسي لإرجاع هذه النسبة الكبيرة منهم والدائرة الثانية هي دائرة رحلة العمر من الأصدقاء و الزملاء و الرفقاء الذين شكل البنك الأهلي لهم عنوانا أو هاشتاقا . و كان من الحصافة و الحذر عدم الانزلاق إلى هذا التوجه في هذا الوقت فالقاعدة تقول درء المفاسد أولى من جلب المنافع و قد شكلت هذه الدائرة حوالي 10 وزراء و لهذا السبب لم تخرج الدائرة الثالثة التي تشكل أحلام الأردنيين و تطلعاتهم من قسم الخداج بعد !!
و يتساءل الأردنيون والفرصة مواتية لدولة الرزاز بتقديم قيادات وطنية قوية فتح جلالة الملك الباب أمامها لدخولهم : لم أقفل الباب بوجههم ؟؟ و لم غاب الطيف الإسلامي عن الإشراك و بخاصة في القطاع النسائي ؟؟ و هل كانت محاولة تزيين الفريق بناشط واحد هي بمثابة صك للغفران أوعملية للتجميل ؟؟
و يتساءل كثيرون أيضا هل عملية المشاورات التي قام بها دولة الرئيس و التي لم تؤسس لنهج ولم تبن لثقة هل كانت جادة أو بروتوكولية بحتة أم أنها كشفت بوضوح عن ضيق الدائرة التي يتحرك فيها الرجل في علاقاته و عدم توفر رؤية ذهنية إصلاحية وبنائية شاملة سابقة لديه و إنما كان الأمر أشبه بإفراط في تدليل الذات و انتعاش بثقة جلالة الملك و ثقة نسبة كبيرة من الشارع و بالدعم الخليجي الذي قدم على طبق من ذهب للفريق المحظوظ ..
و النتيجة أن الحكومة قد أسست لجدل و احتقان صامت مبكرا لم تكن مضطرة إليه بما سبق و بمخالفتها لما جاء في كتاب التكليف السامي بتشكيل حكومة رشيقة لا فضفاضة من ( 29 ) وزيرا .
و أعتقد أن المواطن الذي قرر عدم الرجوع إلى الوراء خطوة واحدة والذي دفع نفسه بقوة للمشاركة و المحاسبة سوف ينشغل بمراقبة الحكومة خطوة بخطوة في ظل غياب الثقة الكبيرة لديه بمؤسسة مجلس النواب الذي تجاوزه و الذي انحسر دوره التاريخي و الإنساني الذي تأسس عليه و لأسباب لا مجال هنا للخوض فيها معلنا عن أزمته الديمقراطية قبل أن يعلن عن أزمته الاقتصادية ،،
و لهذا بات وقعيا أن الشارع بعد 100 يوم سوف يحاسب هذه الحكومة إذا لم تنجح في تحقيق النهج السليم و رسم الخطط الواضحة المحددة بالآليات و الزمان و الأرقام و إذا لم تكن مقنعه بمعاييره سوف يحاسبها حسابا عسيرا أشد من حساب سابقتها مما سيضعنا جميعا في أزمة لا تحمد عقباها لأن الحكومة سوف تكون وقتها قد استنفذت كل محاولات التجريب فيه ( يعنى اهترى ) أو كما قال الفيلسوف نيتشه لن تكون المشكلة بأنها كذبت على المواطن بل المشكلة في أن المواطن لم يعد يثق فيها و لا في أشياء يطول شرحها .
و مما يؤسف حقا هو اختفاء الرصيد العاطفي تجاه الحكومة بصورة سريعة و هو رصيد نادرا ما يتشكل لدى المواطن لعدم ثقته بقدرة الحكومات على تملكها رؤية واضحة حقيقية للعمل أو قدرتها على تحقيق مبدأ الولاية الشاملة .
و لأن المواطن ما يزال يأمل للحكومة النجاح وأن تكون على قدر المرحلة الصعبة الاستثنائية لشعب يعيش مرحلة جديدة عنوانها الاعتماد على الفرد و النزول إلى الشارع .. و لأن دولة الرزاز قد حقق الولاية أولا باختياره فريقه بما يريد و بكيفما يريد ،، فما يزال المواطن الأردني الأصيل يأمل منكم بالمزيد و بالمزيد ،، حتى لو كنت خسرت الانطباع الأول .