كتب : المحامي مصطفى فريحات
بعد أن باتَ مجلس النواب الذي لم تطلهُ رياحُ التغييرِ بمنجى عن ثورة الشارع الأردني الذي أطاح بحكومة الملقي انتظر المجلس النيابي ذاته الذي تجاوزه الشارع في الأيام الماضية بفارغ الصبر ليرد الغارة عليه و لينفس للضغط الكبير الذي تعرض له والذي امتلأ له جوف مواقع التواصل عتبا و غضبا على أدائه و ضعفه على الرغم من وجود حرب استراتيجية منظمة على المجلس لتحميله أوزار الحكومة ويكون المتهم الحاضر لكل فشل يحدث و شماعة يعلق عليها كل تقصير فهو الحلقة الأضعف والحيط المائل في عيون من يملك السلطة المطلقة و يستأثر بها وحده .
فكان اللافت للنظر في جلسات منح الثقة فهم كثير من النواب للدرس و استقبالهم للرسالة ولذلك أخذ كثير من النواب يدافع بقوة عن المؤسسة النيابية ووجودها وفلسفتها ومكانتها من نظام الحكم و موقعها و أهميتها في الدستور ذاته ودورها في بناء الدولة وارتكازها عليها بالمقام الأول.
هذا الأمــر تعدى الحديث بأن أي حكومة ليس للنواب ذاتهم دور في تشكيلها يعد مخالفة دستورية لأن نظام الحكم في المادة الأولى من الدستور تنص على أنه نيابي ملكي وعلى هذا طالب بعضهم بأن يكون مجلس الوزراء كافــةً من أعضاء مجلس النواب الذي هو نفسه يختار من بينه وزرائه و يصوت عليهم وكيف لا يكون ذلك وهم الذين اختارهم الناس لإدارة الدولة وحكمها وليس فقط للتشريع والمراقبة بل إن الدستور ينص صراحة على ان هذا الدور في فقرته الأولى وربما يكون في هذا خلاص من العقدة الحزبية التي لم يؤسس لها في حياتنا و ربما في الغالب لن يؤسس لها لاعتبارات حكومية وشعبية معا .
و رغم الانقسام التقليدي المعروف في صفوف أعضاء مجلس النواب و اختلاف إيديولوجياتهم الفكرية و مرجعياتهم السياسية إلا أنه يسجل للنواب بعيدا عن موقف منح الثقة للحكومة إعادتهم جانبا كبيراً من الوعي بأهمية المؤسسة النيابية والاهتمام بدورها و إعادتهم لجانب معين من الثقة التي خسرها المجلس سابقاً لأسباب كثيرة في الشارع وعلى رأسها قيام بعض النواب بنبش عش الدبابير أو الفساد بقوة وشجاعة و على رأسها قضية مصنع الدخان وما ألقت بظلها من تفاعلات قوية مستمرة .
استطاع عدد كبير من النواب رمي الكرة لدى الحكومة و النجاح في تحميلها كافة الأخطاء و الضعف الذي يعيشه المواطن بوصفها هي من يحكم ويقرر بل تحميلها أيضا جانبا كبيرا من ضعف دور المجلس النيابي وتهميشه و أعتقد بأن مجلس النواب بحالته هذه استطاع كسب الجولة بامتياز .